الأحد، 25 ديسمبر 2022

دمية الجورب



منذ زمن بعيد، عاش رجل ثري في قرية صغيرة في أيرلندا. كان يملك جميع الأراضي المحيطة بالقرية ويؤجرها للمزارعين الفقراء بربح جيد. عاش الرجل في أكبر منزل في القرية مع زوجته وابنيه القويين وابنته الصغيرة المريضة.

كان لطيفًا مع جميع أبنائه وعامل زوجته كملكة، ولكنه كان قاسيا ولئيمًا مع الفلاحين. جنى الكثير من المال بفرض إيجارات عالية على القرويين وعامل جميع المستأجرين كما لو أنهم عبيد. إذا تأخر أحد عن سداد إيجاره، فسيطرده من منزله دون أن يمنحه إنذارا أو مهلة.

كره القرويون الرجل الثري واحتقروه هو وأساليبه القاسية. كان يقيم حفلات فخمة ويدعو أصدقائه وعائلته ويعيش مثل ملك، بينما عمل القرويون الفقراء وكدحوا كي يملأ الثري وعائلته بطونهم. لم يسعهم سوى أخذ كفاف يومهم من الخبز والبطاطا.

ثم حدثت آفة البطاطس في إحدى الأعوام وتأثرت جميع المحاصيل. حل الشتاء وأشرف القرويون على الموت جوعا. لم يأبه الثري لمعاناة القرويين وردّ على الأزمة بأن رفع الإيجارات. وكأن أن هذا لم يكن كافيًا، أقام حفلة في عيد الميلاد لأصدقائه وعائلته، حيث استمتعوا بمأدبة ضخمة وشربوا نخبا سخروا فيه من محنة المستأجرين الجائعين.

الاثنين، 12 ديسمبر 2022

مهرج في منتصف الليل

 


أراد رجل أن يستأجر مهرجا لحفلة عيد ميلاد ابنه. سأل زملاءه في العمل وأعطاه أحدهم رقم مهرج يوصي به الجميع. اتصل الرجل بالرقم واتفق مع المهرج أن يأتي يوم السبت ليرفّه عن الأطفال في الحفلة.

ولكن عندما حل السبت، كانت السماء تمطر ولم يأتي المهرج. ملّ الأطفال من الانتظار وعادوا لمنازلهم مبكراً. خاب أمل ابنه بشدة وركض نحو غرفة نومه والدموع تسيل منه بعد أن فسدت حفلته. واصل الأب الاتصال برقم المهرج لكنه لم يجب.

"لماذا أوصى زميلي بهذا المهرج عديم النفع؟"، قال الرجل لنفسه بمرارة.

في تلك الليلة، استلقى الرجل وزوجته على السرير وهما مرهقان. كانت الحفلة كارثة وبقيا غاضبين من المهرج الذي خذلهما.

سألته زوجته "في أي وقت طلبت منه أن يأتي؟"

أجاب: "قلت له بوضوح يوم السبت الساعة الثانية عشرة".

ردّت زوجته: "ربما اعتقد أن الموعد هو الثانية عشرة ليلاً".

الأحد، 20 نوفمبر 2022

أنت لست خائفا، صحيح؟


 

أنت مستلقٍ على سريرك. لا يفصل بينك وبين الصمت المطبق سوى أزيز مكيف الهواء الرتيب.

هذا الصمت يحل عليك ثقيلا، وكأنه يعادل الضوضاء العالية. يكون الصمت مطبقا فيمكنك سماع سقوط الدبوس من على بعد ثلاث غرف. تسمع نبضات قلبك عالية كالطبل، ويجعلك تسدّ أذنك بوسادتك.

أزيز المكيف الباهت هو الشيء الوحيد الذي تسمعه، ودائما يسري قرب أذنيك دون أن تلحظ وجوده، إلى أن يصبح الصوت الوحيد في الغرفة. ترتاح لوجوده. ولكن فجأة يتوقف المكيف، وتعود درجة الحرارة في غرفتك إلى الدرجة العادية، ويتوقف معه الأزيز. لسوء حظك فأنت لم تنم بعد، ويعود الصمت من جديد.

ربما ترتاح لأنك تعرف أن بإمكانك سماع أي شيء في محيطك، ما يعوّض عنك انعدام الرؤية في الظلام. لكنك لست مرتاحا. هذه البيئة بالذات تضعك أمام الهاوية وتجعل نبض قلبك يتسارع ويجعلك متوترا. إن لم تكن وحيدا، ستدرك ذلك على الفور.

ولكنك تعيش لوحدك، صحيح؟ أنت مستلقٍ هنا وعيناك مغمضتان منذ نحو ربع ساعة، وتأكدت من كل شيء في غرفتك قبل أن تطفئ النور. أنت ذكي.

الاثنين، 31 أكتوبر 2022

لعبة المسدسات

 


دق الباب عاليا، واستيقظت كلارا بفزع من حلم اليقظة الذي غرقت فيه. قضي الأمر. بعد كل هذا التخطيط الدقيق والصراع للبقاء، ستحل النهاية الآن. هي تجلس الآن على ارتفاع تسع طوابق في الغرفة 934 من فندق ماريوت المهجور. بدأت تبكي، ليس لنفسها، بل من أجل ابنها الصغير جيريمي ذو الثلاث سنوات. كان يمثل لها العالم كله، ولم تحتمل فكرة نهاية حياته القصيرة.

"افتحي الباب"، تعرفت على صوت حبيبها جيروم الذي عاش معها لأربع سنوات. أزاحت بسرعة سلسلة المزلاج، وفتحت الباب وأدخلته.

"لا أملك الكثير من الوقت. سيقوم الرجال بمسح ما تبقى من المتجر وأريد أن أكون الأول بينهم"، ثم توقف فجأة. "رائحتك طيبة. ما هذا؟"

قالت ببساطة: "هذا العطر اسمه لافلي، من سارة جيسيكا باركر. وجدته بجوار البار الصغير. إنه الأفضل، أليس كذلك؟"

رد "نعم"، بينما ترك حقيبتين بجانب الباب واستدار ليغادر. "سأعود قريبا. أبقي الباب مغلقًا".

الأربعاء، 12 أكتوبر 2022

الرجل الذي يعيش فوقك

 

الرجل الذي يعيش فوقك هادئ للغاية. كم أنت محظوظ لأنك حظيت بالسكن تحت إنسان مهذب. لا يظهر أن شيئا يقع منه على الأرض، لأنك لم تسمع أبدا أي دق يصدر من سقف بيتك. وهو من اللطف حتى أنه يبقي صوت الراديو والتلفزيون منخفضًا جدًا بحيث لا يزعجك. عندما تفكر بالأمر، فلو لم تره أو تتحدث إليه، فستعتقد تلك الشقة خالية. كنت تعيش سابقا تحت مجموعة من المراهقين، قد ظهر أثر هذا التغيير واضحا عليك.

إنه طيب أيضًا. دعاك إلى العشاء في الأسبوع الأول من إقامتك هناك، وقدم خدماته لإصلاح أي حنفية تسرّب. وقد أفادك هذا لأن طاقم الصيانة في العمارة سيّئ.

لم يشعر بالإهانة عندما اعتذرت عن الدعوة لأنك مشغول جدًا ولا تعرفه جيدًا. ابتسم ببساطة وأعطاك رقمه، وأخبرك أن العرض قائم ما دمت تعيش تحته.

الأربعاء، 5 أكتوبر 2022

تاكوس دي فينادو


ولدتُ في المكسيك. كان والدي يعمل في رعي الماعز وكانت والدتي تنسج السلال حتى يوفرا لنا وجبتين على الأقل في اليوم. كنا فقراء للغاية ومن سوء حظنا أنا وإخوتي أننا ولدنا في طقس قاسٍ. وُلد أخي الأكبر في أبرد أيام الشتاء، وولد أختي الكبرى في طوفان ربيعي، وأنا في عز الصيف. ورغم أن مستويات المعيشة تحسنت حول العالم خلال الثمانينيات، إلا أن هذا الانتعاش الاقتصادي لم يتذكرنا في مقصورتنا الصغيرة المكونة من غرفتين.

ثم سمع والدي عن تأشيرة عمل مؤقتة من خلال عمي وأسرع بالتسجيل فيها. كان يذهب للعمل كل ربيع في مزرعة للفلفل والتبغ في تكساس. كان العمل شاقًا، ولكن الأجر كان جيدًا ودائمًا يعود في وقت عيد الميلاد، لذلك لم يشتكي. كان يدخر المال حتى نتمكن من الهجرة إلى الولايات المتحدة، لذلك عمل من عام 1988 حتى عام 1991 مدخرًا ما استطاع. حرص على ألا يهدر قرشا واحدا، وكان ينام في رحلة الحافلة الشتوية الطويلة من المزرعة إلى المكسيك حتى لا يزعجه ألم الجوع.

لم يتحدث كثيرًا عن أيامه كعامل مهاجر، لكنه أخبرنا مرة أنه لم يستطع النوم في شتاء عام 1989. توقفت الحافلة قرب كشك تاكو صغير. كانت رائحة التاكو لذيذة واصطفّ ركاب الحافلة أمام الكشك في طابور طويل. كان الرجل الذي يقف خلف المنضدة الصغيرة القذرة ودودًا للغاية، لكن كان هناك أمر غريب بشأنه. قام الرجل بإخراج اللحم الساخن على خبز التورتيلا الطازج والساخن وكأنه آلة، وأخذ النقود بيد وقدم الطبق باليد الأخرى.

الاثنين، 26 سبتمبر 2022

أضواء ماكو

 


كان هناك كمسري في سكة الحديد يُدعى جو بالدوين وكان يعمل في خط الساحل الأطلسي الذي أعيد بناؤه حديثًا وقتها. كان العام 1867، وتوسعت سكة الحديد لتشمل محطة صغيرة في ماكو في كارولينا الشمالية. تم تعيين جو في آخر عربة في القطار، وقام بواجبه بأفضل ما أمكنه على متن عربته.

ثم حدث خطأ ذات ليلة. خطأ رهيب. كان القطار متجهًا نحو محطة ماكو الصغيرة ثم بدأت سرعة عربة جو تتباطأ. تقدم جو القلق ليرى ما المشكلة، وأدرك أن عربته قد انفصلت عن القطار. ارتعب جو في عندما رأى أنوار القطار تبتعد وتختفي. كانت عربته عالقة على القضبان، وكان هناك قطار آخر يسير خلفهم.

الاثنين، 19 سبتمبر 2022

الكتابة على الحائط

 


عندما كنت صغيرا، كان هناك مبنى خرب في نهاية شارعنا. تجنبه جميع أطفال الحي بعد أن أشيع أنه مسكون.

كان مبنى قديما ذو طابقين وكانت جدرانه الخرسانية متشققة ومنهارة. كانت النوافذ محطمة وتناثرت شظايا الزجاج في الداخل.

في إحدى الأمسيات، قررت أنا وصديقي أن نستكشف المكان كتحدي لإثبات الشجاعة. صعدنا من نافذة في خلفية المبنى. كان المكان قذرًا وتراكمت طبقات الغبار على أرضيته الخشبية. نفضنا الغبار عن أنفسنا، نظرنا لأعلى وصُدمنا لرؤية عبارة "أنا ميت" مكتوبة على الحائط قرب السقف.

قلت "ربما يحاول مراهق أحمق أن يخيف من يدخل".

"نعم على الأرجح..."، أجاب صديقي بتوتر.

الاثنين، 12 سبتمبر 2022

الصخرة السوداء الملساء

 


على شاطئ منسي في إحدى نواحي المحيط الهادئ، هناك صخرة كبيرة ملساء لا يصلها أعلى مد. تلك الصخرة لا تحمل اي نقوش او علامات، كما أنها تعكس حتى أخفت نور. قمة الصخرة مسطحة ولكن صعودها صعب ويتطلب حذرا. 

إن صعدت على قمة الصخرة عندما يكون القمر بدرا والمد بأعلى مستوى، فسترى شيئا يلمع تحتك عند البحر. نور خافت ومتلألئ لن تحدد ماهيته. إذا اقتربت ثم ركعت وانحنيت عند حافة الصخرة، فسيبدو الشيء أوضح وأسطع. 

الاثنين، 5 سبتمبر 2022

المكتبة

 


عندما دخلت باب المكتبة، اختفت كل الأصوات من الشارع. تجاهلت الأمر وفكرت أنها عازلة للصوت. مشيت بتروّي عبر المرات دون أن أجد ما يشدّ انتباهي. وعندما توغلت أكثر في أعماق المبنى، بدأ النور يخفت إلى أن أصبحت الشموع المعلقة على الحائط هي مصدر النور الوحيد.

أصبحت الكتب أكثر ظلاما، ولكن ليس بالمعنى الحرفي فقط. أصبحت أكثر غموضا وروحانية. خفت واستدرت لأعود أدراجي. عدت من حيث أتيت، ولكني لم أر أنوار السقف. حاولت أن أسترجع خطواتي، وأسير في اتجاهات مختلفة، ولكنني لم أنجح.

تهيأ لي أنني رأيت شيئا. كنت أسير في إحدى الممرات ورأيت شيئا يتحرك ببطء في نهاية الممر. طاردته وناديته. وعندما اقتربت منه، بدأت أرى شكل رجل.

الأحد، 28 أغسطس 2022

الطابق العلوي

 

عندما كنت طفلا، كنت أعيش في بيت مؤجر يتكون من طابقين. كان والداي يعملان، وبهذا كنت أقضي أغلب وقتي وحيدا عندما أعود من المدرسة وأنتظر قدومهما.

عُدت إلى المدرسة في أحد الأيام وكان البيت خاليا. ناديت أمي، فأجابتني بكلمة "نعم؟" وبنبرة طويلة ممدودة، وأتى الصوت من الطابق العلوي. ناديتها مجددا، وأجابتني بنفس الردّ الممدود.

فكرّتُ أنها لا تريد النزول، فصعدت أنا الدرج. ناديتها مجددا بعد وصولي لقمّة السلالم وجاءني نفس الردّ بكلمة "نعم؟" الطويلة. أتى الصوت من آخر غرفة في الممر.

 

الأحد، 21 أغسطس 2022

كشك الهاتف


 

كان هناك مراهقان، اسمهما كينزو وتاتسويا، يشتركان في الاهتمام بالخوارق. كلما التقيا فإنهما يتشاركان دائمًا قصة مخيفة عن شبح أو مكان مسكون أو حكاية أخرى شائعة بين الناس

كان تاتسويا يتصفح الإنترنت في أحد الأيام، ثم وقعت عيناه على موقع إلكتروني يسرد العديد من الأساطير الحضرية في اليابان. قرأ قصة عن جسر معلق يقع قريبا من منزله. عرض الموقع عدة صور للجسر والمنطقة المحيطة به. قرأ الأسطورة المرتبطة بهذا الجسر، وأدرك أنها ستُعجِب صديقه.

عندما التقيا في المرة التالية، كان حديثهما عن الجسر. كان جسرًا قديمًا يمتد فوق مضيق عميق. عُرِف المكان بحوادث الانتحار الكثيرة التي حدثت فيه. في كل عام، يرمي ما لا يقل عن عشرين أو ثلاثين شخصًا أنفسهم من الجسر ويغرقون. لا أحد تمكن من تفسير هذا العدد. قالوا أن المكان مسكون بأشباح جميع من انتحروا هناك.

عاد كينزو إلى المنزل في المساء وقرر أن يتفقد الجسر. كان يرغب بشدّة أن يرى شبحًا. وفي تلك الليلة بالذات، انطلق إلى الجبال نحو الجسر. استغرقت الرحلة إلى هناك نحو نصف ساعة.

الجمعة، 12 أغسطس 2022

حارس الأبدية

 


خلال الألفية الماضية، تقدم العلم والطب إلى درجة أصبحت فيها المعجزات ممكنة في أيدي البشر. العديد من الأمراض التي كانت فتاكة منذ مئات السنين أمكن علاجها بفضل العقل البشري. خلاف ذلك، لا يزال هناك شيء واحد لم تتغلب عليه الإنسانية بعد، وهو الموت.

لكن هناك طريقة لمن يسعى إليها. هناك ضريح يقع في مكان ما على الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية، ويعود تاريخه إلى أقدم الحضارات المسجلة في التاريخ. ضاع المكان مع مرور العصور، وهناك طريق واحد إليه. لا يزال هذا الضريح يرسل دعوته كما لو أنه يتحدى أقوى الرجال للقيام بهذه الرحلة الخطرة.

إذا وجدت نفسك يومًا ما في سافانا، جورجيا وفكرت أن تجرب حظك مع الخلود، ما عليك سوى ركوب سيارتك والمضي شرقًا خارج المدينة على طول شارع بريزيدنت ستريت. استمر حتى ينعطف إلى طريق آيلاندز السريع. إذا اعتبرتك القوى جديرا بالامتحان، أو أنهم ببساطة يتسلون بمشاهدة شخص آخر يرمي حياته هباء، فستظلم السماء بغيوم المطر حتى لو كانت صافية وزرقاء قبل لحظات؛ وستبدو الغابة حولك متوهجة. ابق عينيك مفتوحتين وسترى منعطفًا في الغابة.

الأربعاء، 27 يوليو 2022

إلى الداخل من البرد

 

جلس أليك تحت وهج الشاشات الأزرق في هذه الغرفة الفولاذية، وهو يراقب تقلب مشاهد الكاميرات خارج المجمع الصغير. كل زر يصور اللون الأبيض الناصع لرمال القمر، وسواد الفضاء الفارغ أعلاه.

كانت الحياة في محطة الأبحاث الصغيرة مظلمة وهادئة، ولا يعكر سكونها سوى أصوات معدات التسجيل وطنين أنظمة الكمبيوتر.

طاخ!

ضجيج حاد قادم من الممر اخترق السكون المحيط بأليك في غرفة المراقبة. دقّ قلبه بقوة حتى أحس به يصعد إلى حلقه. هدأ اندفاع الأدرينالين بداخله عندما فكّر أن أحد الأشرطة الاحتياطية قد سقط من مكانه على الرف بسبب اهتزازات الآلات. حياة العزلة في المحطة جعلت النظام في حياة أليك يتلاشى، وهو الآن يرمي أعماله في أكوام.

عاد بنظره إلى الشاشات. كانت الشاشة العريضة إلى اليسار تعرض جميع كاميرات المراقبة في شبكة واحدة. هناك شيء في الكاميرا رقم 42-A لفت انتباهه.

الأحد، 3 يوليو 2022

مخاطر شراء سيارة مستعملة


 

وقع نظري على سيارة فورد توروس موديل 1998 لونها أزرق فاتح. لم تكن سيارة سيئة، إذ لم تسر أميالا كثيرة مقارنة بعمرها، وتم استبدال الإطارات مؤخرًا، وكانت رخيصة. الشيء الوحيد الذي اشتكيت منه هو أن المالك السابق بالغ في استخدام معطرات الجو. كانت داخل السيارة كله يفوح برائحة الفانيليا والصنوبر. كان التاجر لطيفا وقال أنه سعيد بالتعامل معي. أخبرني أنه يواجه مشكلة في بيعها ولا يبدو أن أحدًا مهتم بها. أعتقد أنني قنوع وأرضى بما لا يرضاه أغلب الناس. اشتريتها بعد الفحص وعدت بها إلى منزلي. هنا بدأت الغرائب بالحدوث.

هناك شيء لم ألاحظه أثناء تجربة القيادة. أحسست بكتلة في حشوة المقعد. لم يزعجني هذا في القيادة، لذلك افترضت أن الإسفنج ينفصل تحت القماش. كان عمر السيارة عشر سنوات فلم أهتم. بقيت أقود السيارة لأسبوعين وأنا أحس بهذه الكتلة، أذهب للعمل وأشتري البقالة وغيرها من الأشياء. اعتدت على الكتلة حتى تجاهلتها. ثم تحركت الكتلة.

الخميس، 16 يونيو 2022

الوجه الشاحب

 

يا إلهي، أريد أن أخرج هذا من صدري. أحتاج أن تخرج هذه المعرفة من رأسي.

أنا الآن مسكون من قبل كائن، إن كانت هذه الكلمة الصحيحة. شيء مروع. سأسميه فقط الوجه الشاحب.

أتذكر المرة الأولى التي رأيته فيها. كنت بعمر الثانية عشرة، أقضي حاجتي في حمام الفندق الذي أقمت فيه مع عائلتي. لاحظت وميضًا بطرف عيني، ولكني تجاهلته لأنه شيء كثر حدوثه مؤخرًا. ذهبت لأغسل يدي، ورأيته عندما كنت على وشك فتح الصنبور. رأيت انعكاسه في المرآة، ويقف على بعد قدم مني.

مخلوق شبيه بالبشر، يبلغ طوله حوالي خمسة أقدام ونصف، عاري تمامًا ويغطيه جلد دهني. أصابعه طويلة وعظمية. بدا نحيفا وكأنه لم يأكل أبدًا؛ كانت أضلاع صدره بارزة، وظهر كالمريض جدا تحت أنوار مصابيح النيون. لم يكن يتنفس.

لم يكن شكله ما أخافني، بل وجهه. رأس بيضاوي أملس بدا كبيرًا وثقيلًا على رقبته الهزيلة، وله ثقبان أسودان عميقين مكان العيون. حدّق بي. لم يتحرك، ولا حتى عضلة واحدة. لقد وقف جامدا مكانه، وعيونه السوداء تخترقني.

الخميس، 2 يونيو 2022

لا تدع الرجل البارد يدخل

 

راودني حلم الليلة الماضية. من النوع الذي يظهر لك حقيقيًا حتى تستيقظ وتدرك أنك تحلم.

رأيت به أشياء عجيبة، لكن لم يخطر ببالي أبدًا أنها قد تحدث. وحتى الآن لن أقول أنها لم تحدث. لست روحانيًا ولا أفهم هذه الأشياء حقا. أشعر وكأنني كنت في مكان غريب ثم عدت، وأعلم أن شيئًا حدث بالفعل عندما استيقظت.

راودني إحساس غريب عندما خلدت للنوم الليلة الماضية. كلنا نحسّ أحيانا أن أحدا ما يراقبنا، لكن إحساسي تجاوز هذا. شعرت وكأن شخصًا كان معي. المهم أنني استسلمت للنوم في النهاية.

لا أتذكر بداية الحلم. أول ما أتذكره هو أنني أمشي في منزلي. ثم خرجت نحو الطريق. اختفت كل منازل الجيران. كنت على طريق طويل وخالٍ ولم أجد أحدا سواي. لا أتذكر ما كنت أفعله في منزلي قبل هذا. أتذكر فقط إحساسي برغبة قوية في المشي.

لم أشعر بالقلق وأنا أسير في الطريق. كان الجو باردًا ومظلمًا وكنت ضائعاً، لكني لم أكن خائفًا.

لا أعرف كم مضى من الوقت وأنا على هذا الطريق. شعرت أنه زمن طويل، وكأن أياما مرّت عليّ، لكنني لم أشعر بالتعب أبدًا وواصلت مسيري.

تغيّر الطريق بعد فترة. كان مستقيمًا ولا ملامح له، لكنني في النهاية وصلت إلى منعطف ثم مفترق طرق. عندما وصلت إلى المفترق، لم أعد وحيدا. نادى عليّ صوت مألوف من جانب الطريق.

الأحد، 15 مايو 2022

نقوش على البئر

 

تم العثور على هذه التعليمات الغريبة محفورة على الحائط في قاع بئر قديم، في مكان ما في ريف ألمانيا.

في مكان ما في وسط أوروبا، هناك حقل عشبي فارغ. هناك مدخل خشبي على الأرض بين الأعشاب الطويلة، وهو يؤدي لملجأ قديم من العواصف. لكن هذه ليست وجهتك. عليك أن تسكب قطرات من دمك هنا لتصل إلى الفتحة البديلة. ستستيقظ عند حافة حقل، وترى الآن بابًا من الحديد الصدئ. يمكنك الآن دخول البوابة.

ستجد بئرا طويلا وضيقا يمتد عميقا إلى الظلام. يجب أن تنزل على سلم مثبت بالجدار الشمالي، وتبقي عينيك مرفوعتين نحو الفتحة في الأعلى.

إذا نظرت إلى الأسفل نحو الظلام، ثم تعود بنظرك إلى الأعلى، ستجد نفسك أبعد عشر درجات من حيث بدأت. إذا نظرت لأسفل وأدمت النظر، سيصل إلى مسمعك صدى شخص يتسلق السلم، وسترى نسخة فاسدة ومتحللة من نفسك وستجذبك من ساقيك حتى تسقط.

بعد فترة غير محددة؛ ستصل قدماك إلى الأرض. استمر بالنظر إلى الأعلى. إذا نظرت إلى قدميك فلن تجد أي أرض وستقع. عليك الآن اختيار المسار الخاص بك.

الأحد، 8 مايو 2022

عالق بين عالمين

أنا عالق بين عالمين.

لقد عضني أحدهم. التهم اللعين قطعة من ذراعي. ربما لم يعرف الأحمق حتى أنها كانت ذراعًا. ربما رآها على أنها ساق دجاجة أو ما شابه. لكنه نال جزاءه. ضربت رأسه بمعتل كنت قد سرقته.

أصبحت الحياة خطيرة قبل حوالي شهر، واسمحوا لي أن أقول أن الحكاية بدأت بنفس البداية العادية. تفشى مرض وحالوا احتواءه ولكنه انتشر. كل شخص أعرفه أصبح يترنح وكأنه ثمل. ولكن ليس أنا. صممت على محاربته. وأحسنتُ صنعا بهذا حتى الأسبوع الماضي عندما قضم ذاك الوغد ذراعي.

ما زلت صامدا إلى الآن، وأنا نفسي لا أصدق هذا. ولكني أتمنى لو انتهيت من الوجود. أنا أشبههم وأختلف عنهم في نفس الوقت. أعاني من الجوع الذي يعانون منه، لكن أحس بمشاعر الذنب وحب الإنسانية التي تقف حائلا أمام غريزة البقاء بداخلي.

الأحد، 1 مايو 2022

جوليا ليغار

 


قبل بضع سنوات، كنت أرافق أصدقائي وهم يستكشفون الأماكن القديمة التي يُشاع أنها مسكونة. في أحد الأيام، وجدنا أنفسنا في كنيسة إديستو، حيث دُفنت فتاة تُدعى جوليا ليغار في ضريح عائلتها عام 1852 بعد أن ماتت بسبب الدفتيريا.

زعم المارة أنهم سمعوا صراخا قادما من المقبرة خلال الأسبوع الذي تلى موتها، لكنهم لم يحققوا في الأمر. فتحوا باب الضريح بعد خمسة عشر عامًا ليدفنوا فرد آخر من العائلة، وجدوا هيكلها العظمي متكدسًا في الزاوية بجانب الباب. ظهرت خطوط الدم الجافة وكأنها علامة تمثل صراعها الشرس للهروب من القدر.

وصلنا إلى هناك وفكّر أصدقائي بلعب مقلب عليّ. أغلقوا عليّ باب الضريح الحجري الثقيل وتركوني أقضي الليل هنا. أصبحت عالقا وأعجز عن زحزحة الحجر الثقيل. بقيت أكافح للخروج عبثًا لما بدا أنه دهر، تمامًا كما فعلت جوليا قبلي. في النهاية، لم أجد خيارا سوى أن أستسلم للنوم وسط الظلام الدامس.

لم أشعر أبدًا بالخوف من الأماكن المغلقة، لكن الهواء الراكد يجعل التنفس صعبًا. شعرت وكأن حزنًا عارما يضغط على كتفيّ. مع مرور الوقت، تلاشى الغضب بداخلي وحلّ محله الخوف، وفي النهاية تحوّل إلى يأس.

السبت، 23 أبريل 2022

إنه ينتظرك

 

مع اقتراب أبرد ليالي الشتاء، قد تجد نفسك وحيدا في الليل، وتشعر بالعزلة في سريرك الفارغ مع اشتداد ظلام الليل. ترى الظلال المخيفة تتراقص على الحائط. وتسمع نواح الريح وهي تضرب نافذتك. تسمع سيارات الإسعاف من بعيد. أنت وحيد.

لكن لا تخف، فهو ينتظرك.

انتظر حتى يختبئ القمر وراء الغيوم. سيكون منتصف الليل أفضل وقت للقيام بهذا. أغلق عينيك واحبس أنفاسك وأنت تغادر سريرك. افتحهما بمجرد أن تخرج من غرفة نومك. أرتدي ملابسي إذا أردت، لأنك ستغادر منزلك. لا تأخذ معك إلا ما يسَعُه جيبك. ومن ثم، أخرج من المدينة وابتعد قدر ما أمكنك عن الحضارة. في النهاية، سيصبح الهواء ساكنًا، وسيتشكل ضباب كثيف أمامك على الطريق. سيحل الصمت تدريجيا بينما تقترب منه. أدخله بسيارتك. لن يصيبك منه أي ضرر. أعدك.

لا تخف، فهو ينتظرك.

سينقشع الضباب، وسترى فندقا صغيرا ونوره خافت، منعزل وتائه وسط الليل، مثلك تماما. ادخل وستجده خاويا، وستجد مفتاحا صغيرا على طاولة الاستقبال. خذ المفتاح وتجول في الممرات حتى تجد الغرفة الصحيحة. ستحس بشيء داخلك لا يمكن تفسيره عندما تصل إليها، وسيخبرك هذا الإحساس أنها الغرفة الصحيحة. استخدم المفتاح وادخل هذه الغرفة. استلق في السرير.

الجمعة، 1 أبريل 2022

الخوازمية

 

قضيت الليلة الثالثة على التوالي وأنا مكوّم فوق المرحاض بينما ترتجف أحشائي وأنا أتقيّأ كلّ ما أكلته، وأدرك الآن ما الذي يحدث: إنه يحاول تسميمي. لقد حدث هذا بسلاسة ووضوح حتى أكاد أضحك، لكن النوبة التالية من القيء تجبرني على التزام الصمت.

حل الصباح ورميت كل ما في المطبخ، ولففت القمامة ثلاث مرات في ثلاثة أكياس سوداء ودفنتها في عمق برميل القمامة، فأضمن أنها لن تقع في طريق أي عابر سبيل. خرجت من باب العمارة وقطعت نصف الطريق إلى المتجر في الزاوية عندما أدركت شيئا: إنه بلا شك يعلم أين أتسوّق.

اخترت اتّجاها ومشيت، وأنا أتمتّع بنسيم الشتاء البارد الذي يسكّن النار المتقدة في أحشائي. أنعطف في مسارات عشوائية، وأمشي في طرق لا أتبعها عادة، إلى أن أجد دكانا صغيرا ذو اسم غريب. أدخل وأتناول سلة بلاستيكية صغيرة وأملأها بعجالة. آخذ طعاما من علامات لم آكل منها من قبل، علب غريبة من مكونات أجنبية لا أعرفها، وأشياء أخرى لم أفكّر بشرائها يوما. حليب صويا. توفو. أحسّ بمعدتي من الآن وهي تنتظر وجبة غير ملوّثة.

أعدّ الوجبة وأنا أترقب بقلق، أحاول التركيز على التمتع بالروائح وصوت قرقعة الدهن على المقلاة. يبدو الطعام نظيفا، لكن هذا ما حدث مع كل الوجبات السابقة. أحاول إقناع نفسي أن الألم بداخلي ينبع من الخوف والقلق فحسب، ولكنني أعود لأجثم مجددا في الحمّام القذر قبل منتصف الليل، وألقي كل ما طبخته إلى المرحاض الخزفي.

جمعت ما تبقى من طعام في اليوم التالي، وتخلّصت منه بنفس الحرص. تناولت الطعام في الخارج ذلك اليوم، وأضفت دينا جديدا على بطاقة الائتمان في المطاعم على الجانب الآخر من البلدة.

الأربعاء، 23 مارس 2022

رسائل جديدة

 

تجاوزت الساعة منتصف الليل بساعات، ولن تشرق الشمس قبل ساعات أخرى. أنت نائم في السرير وتائه في أحلامك، ثم تسمع الهاتف يرن. بدلاً من أن تستيقظ لتتفقده، تتمدد وتغطي رأسك بوسادة. تمر الساعات وتشرق الشمس. الهاتف يرن.

تستيقظ ويرن المنبه والهاتف. هذه المرة تقرر إطفاء المنبه، وما إن تمد يدك حتى يتوقف عن الرنين. تدرك أنه كان يرن طوال الليل. تخرج من السرير وتضغط على الزر الأحمر على هاتفك وأنت تدخل الحمام. تسمع الصوت الإلكتروني الودود. "مرحبا، لديك ستمائة وست وستون رسالة جديدة".

الخميس، 10 مارس 2022

الدمية

 


أعطيتها الدمية في عيد ميلادها.

أحبتها في البداية وقالت أنها جميلة. كان شعرها ناعمًا وفستانها جميلا. لم تدعها تغب عن ناظرها لعدة أيام. كانت تضعها على الطاولة خلال ساعات النهار فتراها وهي تنظف المنزل، وفي الليل تضعها بجوار السرير فتشاهدنا ونحن نيام بعيونها الزرقاء الكبيرة الجامدة.

لكن سرعان ما تغير حب ابنتي للدمية. سرعان ما لاحظت أن شيئًا ما يزعجها. سألت لكنها لم تخبرني في البداية. قالت أن الأمر سخيف. لاحظ خلال الأيام التالية أنها أصبحت كتومة أمامي فلم أعد أحتمل الأمر. ضغطت عليها وقلت لها إما أن تخبرني بما يحدث أو آخذها إلى الطبيب.

انهارت وبدأت بالبكاء، وبدأت الحديث. أخبرتني أن الدمية تخيفها، وتحسّ بأنها تراقبها باستمرار. في بعض الأحيان يتهيأ لها أنها تتحرك.

الأربعاء، 2 مارس 2022

الزوائد

أنا أملك هذه الزوائد منذ كنت طفلا.

كنت واعيا بوجودها، وكنت أخفيها في جيوبي وداخل الكتب والحقائب. لم يقل الأطفال في المدرسة شيئا، ولكني متأكد أنهم كانوا يضحكون عليّ وراء ظهري.

طلبت من والداي أن يأخذاني للطبيب ولكنهما لم يهتما للأمر. كانا يقولان أنني بخير ثم يغيران الموضوع.

الجمعة، 18 فبراير 2022

أطفئ النور عندما تغادر


 

توجد في فنلندا عمارة قديمة ولكنها لا تزال مأهولة، وتقع في مدينة صغيرة بالقرب من خط سكة حديد رئيسي. أغلب سكانها تزيد أعمارهم عن السبعين، ويبدو أن الأشخاص الأصغر سنًا لا يبقون هناك لأكثر من عام.

إن كنت تعيش هناك فستلاحظ عدة أشياء غريبة. ستجد في القبو عبارة "أطفئ النور عندما تغادر" مكتوبة بجوار كل مفتاح. قد يكون غريبا أن تذكر شخصا بشيء واضح جدًا، ولكنه مهم جدا هنا.

إن نسي أحدهم شيئًا في القبو لا يعود لأخذه، وإن عرضت أن تذهب وتسترجعه لهم فسيمنعونك من الذهاب.

هناك باب يقع بين أبواب الخزائن ولا يحمل رقما، بل مجرد لوحة مهترئة. سيطلب منك أهل العمارة ألا تقترب من الباب. يقال أن بعضهم ألقوا نظرة خاطفة في ثقب المفتاح ورأوا أشياء مخيفة للغاية.

الثلاثاء، 1 فبراير 2022

عالق في الظلام

 


أنا عالق في كابوس.

الظلام يحيط بي. أنا غارق في الظلام الدامس حتى بوجود مصباح بجواري. لم أشعر أبدًا بالعزلة والوحدة في حياتي، ومع ذلك أعلم أنني لست وحيدا.

الشمس مشرقة في الخارج. إنها تضايقني وتسخر مني. أراها تضيء السماء، ولكن بشكل ما فالمكان مظلم هنا. لا أرى سوى القليل جدًا، ولا أكثر من خمسة أقدام أمامي. إنها نقمة بقدر ما هي نعمة. المصابيح تتوهج ولكنها لا تضيء شيئا. بالكاد أميّز حركة شيء يمشي على أربع من حولي.

لا أعرف إلى أين أجري. لم أعد أحسّ بالاتجاهات. أنا ضائع تمامًا. يطوّقني شعور بالعجز التام. أتمنى لو لم أستيقظ أبدًا في هذا الصباح البائس.

الخميس، 13 يناير 2022

لعبة سوبر ماريو 64 المسكونة

 

كنت دائما أحب لعبة سوبر ماريو 64 عندما كنت طفلا. كنت ألعبها في منزل عمتي طوال الوقت. في يوم من الأيام، كنت أشاهد فيديو عن اللعبة على يوتيوب، ثم ظهرت نافذة فجأة. كنت على وشك إغلاق النافذة حتى قرأت أنها تؤدي لموقع يعرض نسخة من سوبر ماريو 64 للبيع وهي بحالة جيدة. عادة لا أثق في هذه الأشياء، لكن الحنين لتلك الأيام دفعني لشرائها.

بدا الأمر بأكمله غريبًا، إذ أراد صاحب اللعبة من المشتري إرسال مظروف به 10 دولارات إلى عنوان البائع، بدلاً من استخدام خدمات الدفع على الإنترنت. الأمر الأغرب من هذا هو أنه عندما ذهبت للموقع بعد أن واجهت مشاكل في اللعبة، فاكتشفت أن الصفحة لم تعد موجودة.

بعد أيام قليلة من إرسال النقود بالبريد، تلقيت صندوقا يحتوي على نسخة جديدة من اللعبة. أول ما لاحظته عندما فتحت الصندوق الصغير هو أن "الملصق الرسمي" الذي يُظهر ماريو وهو يطير في الهواء قد تم نزعه. ووُضع في مكانه قطعة شريط لاصق كُتب عليها "ماريو" بالخطاط. شعرت بشيء من الإحباط، لكن لن أهتم طالما أن اللعبة ستعمل بشكل جيّد.

أخرجت جهاز نينتدندو 64 وأدخلت الخرطوشة. بدأت الشاشة بوجه ماريو المألوف الذي يمكنك مدّه ومطّه. ضحكت وأنا أتذكر تلك الأيام وأنا ألعب بوجه ماريو، وقررت أن أستعيد تلك الذكريات. قمت بنقل المؤشر إلى أذن ماريو وسحبتها لتصبح طويلة. كنت سأفعل نفس الشيء للأذن الأخرى لولا أن صدر صوت تشويش عالي من التلفزيون. بدأ ماريو رأسه يتشوه ويلتفّ بأشكال غريبة. بدأت المؤثرات الصوتية في اللعبة تصدر بشكل عشوائي مع التشويش. كما سمعت صوتًا ضعيفًا يهمس باللغة اليابانية. كان الصوت يتأتئ ويئن.

أغلقت اللعبة على الفور وحاولت مرة أخرى. لم أعر رأس ماريو أي اهتمام هذه المرة. أخترت ملفًا جديدًا وبدأت اللعب.