يا إلهي، أريد أن أخرج هذا من صدري. أحتاج أن تخرج هذه المعرفة من رأسي.
أنا الآن مسكون من قبل كائن، إن كانت هذه الكلمة الصحيحة. شيء مروع. سأسميه فقط الوجه الشاحب.
أتذكر المرة الأولى التي رأيته فيها. كنت بعمر الثانية عشرة، أقضي حاجتي في حمام الفندق الذي أقمت فيه مع عائلتي. لاحظت وميضًا بطرف عيني، ولكني تجاهلته لأنه شيء كثر حدوثه مؤخرًا. ذهبت لأغسل يدي، ورأيته عندما كنت على وشك فتح الصنبور. رأيت انعكاسه في المرآة، ويقف على بعد قدم مني.
مخلوق شبيه بالبشر، يبلغ طوله حوالي خمسة أقدام ونصف، عاري تمامًا ويغطيه جلد دهني. أصابعه طويلة وعظمية. بدا نحيفا وكأنه لم يأكل أبدًا؛ كانت أضلاع صدره بارزة، وظهر كالمريض جدا تحت أنوار مصابيح النيون. لم يكن يتنفس.
لم يكن شكله ما أخافني، بل وجهه. رأس بيضاوي أملس بدا كبيرًا وثقيلًا على رقبته الهزيلة، وله ثقبان أسودان عميقين مكان العيون. حدّق بي. لم يتحرك، ولا حتى عضلة واحدة. لقد وقف جامدا مكانه، وعيونه السوداء تخترقني.
استعدت التحكم بجسدي بعد فترة بدت دهرا، وهرعت إلى الباب وأنا أخشى حتى أن أصرخ. تجاهلت غرفتي وركضت مذعورا كالطفل إلى غرفة والديّ. طرقت بقبضتي على الباب وأنا أحاول يائسا أن أوقظهما. عندما فتح الباب أخيرًا، ألقيت لمحة على الممر الذي أتيت منه. كان يقف جامدا هناك وعيناه شاخصتان نحوي. أقدامه الزيتية تلطخ السجادة ببقع بنية. فتح والدي الباب، فدفعته، ورميت نفسي على الأريكة ودفنت وجهي في الوسادة. استدار والدي وأعلق الباب خلفه وسألني عما يحدث. كل ما فعلته هو التحديق بالمدخل وأنا أراقب عينيه المظلمتين تحدقان بي إلى أن أغلق الباب.
لم أجد الراحة في تلك الليلة. بقيت أتقلب لساعة أو اثنتين، ثم استيقظت لأراه واقفا بجانب الأريكة. حدقت به وأنا خائف أن أرفع نظري عنه. أحسست كأن عينه تلقي بسِحر عليّ وتجعلني أشعر بالفراغ وخاليا من الإنسانية، مجرّد وعي بلا أحاسيس. لا أعرف كم مر من الوقت، ولكن جسدي استسلم وعاد إلى النوم، واستقبلني نور الصباح عبر ستائر الغرفة.
لم أحزن لمغادرة الفندق في ذلك اليوم.
لكن الوجه الشاحب لم ينتهي من لعبته. ظللت أراه في كل مكان أذهب إليه، وفي كل مرة يبدأ حضوره بأن ألمحه بطرف عيني. أراه عندما أستيقظ قابعا عند نهاية سريري، أسير إلى المدرسة وأراه واقفا في المدخل أو في خزانتي، أو يقف بين مجموعة من الأطفال، يقف خلفي وأنا أنظف أسناني. وفي كل مرة أحسّ بنظراته التي تفرغني من إنسانيتي شيئا فشيئا وتجعلني حفرة بلا قاع. تدهورت صحتي العقلية بعد فترة وجيزة. كنت أصرخ عليه وأهاجمه وأتوسل وأصرخ أن يتركني وشأني. تركتني صديقتي. كذلك فعل أصدقائي. لم يرغبوا أن يرافقهم شخص غريب نحيل وشاحب وذو عيون واسعة.
حاول والداي مساعدتي. تم إرسالي إلى العديد من الأطباء النفسيين والوسطاء الروحيين وأي دجال آخر يزعم إنه قادر على علاج الخلل في رأسي. كان الوجه الشاحب معي دائمًا يقف خلف كرسي الطبيب، ولم يُنزل عينيه عني. كنت أصرخ عليه. اتفقوا جميعا أنني مجنون. سمعتُ والداي وهما يبكيان في إحدى الليالي. أرادا إرسالي إلى مستشفى للأمراض النفسية.
هربت من المنزل في تلك الليلة.
ملأتني الكراهية والغضب والحزن. حدقت بالمخلوق البغيض الذي اختبأ معي عندما لجأت لممرات المتاجر والأزقة العفنة. لم أعد أشعر بالخوف منه، بل بالغضب الشديد. كرهته بسبب ما فعله بي وما أخذه مني، ولأته جعل جسدي صدفة جوفاء من الروح. لا زال يحدق بي بتلك الحفرتين في رأسه البغيض ويلتهم آخر ما تبقى من إنسانيتي.
ولكن أتاني حلم الليلة الماضية. وهو أول حلم أراه منذ أسابيع. لم أر الوجه الشاحب، بل رأيت المئات من الوجوه. كأنه عرض صور سريع لأناس مختلفين في أماكن وأوقات مختلفة؛ اختلطوا جميعهم في صورة واحدة، وكان بينهم عامل مشترك: كل منهم يرافقه وجه شاحب. ثم تغيرت الرؤيا إلى أكثر مشهد مرعب رأيته في حياتي: لمحت الجحيم. رأيت الأرواح الملعونة تسير إلى بوابات كبيرة، كل منها يقودها وجه شاحب.
عندها فقط فهمت أخيرًا طبيعة عمله. الوجه الشاحب هو دليل يرشد للملعونين إلى الجحيم. يرافقك دائما. إنه معك في نفس الغرفة معك الآن. في كل مرة تكون بمفردك وتشعر أنك مراقَب، ويراودك شعور غامض بالقلق في مكان طبيعي. ستحسّ وقتها بعيون الوجه الشاحب تراقبك. في كل مرة ترى فيها حركة سريعة بطرف عينك، هذا هو وجهك الشاحب.
هناك شيء أخير. إن كثرت رؤيتك للحركات الخاطفة، أو تشعر دائمًا بالمراقبة وأنت بمفردك كما حدث معي، تصالح مع عائلتك وأصدقائك وأي شخص وأي شيء عزيز عليك؛ لأنه هذا يعني شيئًا واحدًا فقط.
لقد تم اختيارك، كما حدث معي، لتصبح وجهًا شاحبًا.
القصة: The Pale Face
الكاتب الأصلي: Obnoxios Brit
https://creepypasta.fandom.com/wiki/The_Pale_Face
ترجمة: Mr. Beshebbu
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق