الأحد، 28 يناير 2024

مجرد كابوس آخر

 

تصحو من كابوسك. ساقك تتشنج. غرفتك مظلمة لا نور فيها باستثناء وهج الساعة الأحمر. الساعة الثالثة والنصف صباحا. هل ظننت أنك ستهنأ في نومك؟ ليس الآن، عليك أن تستعد للعمل في السادسة.

حسنا. علامَ ستلوم كابوسك هذه المرة؟ أهو السهر حتى الفجر بالأمس وأنت تحاول جذبها عبر الفيسبوك؟

نعم هذا هو السبب. عقلك ببساطة يطلق غضبك وكل ما لا تفهمه داخل أحلامك. أو ربما لأنك تبقى مستيقظًا حتى منتصف الليل وتشاهد التلفزيون. لم تنل إلا ست ساعات من النوم في الليلة السابقة، وعقلك المحروم من النوم لا يفهم ما يجري. ولكنه مجرد كابوس، لماذا تحاول أن تفهمه؟

الخميس، 18 يناير 2024

السيد أراتا

 

هل سبق أن عادت بك الذكريات إلى سنوات طفولتك وتساءلت أي من ذكرياتك هي حقيقة وأيها من صنع خيالك؟ هل راودتك ذكرى وفكرت أنها كانت مجرد حلم؟ عقولنا قادرة على فعل الكثير، ولست متأكدًا مما حدث بالضبط خلال طفولتي.

أتذكر سنوات روضة الأطفال، وأنني كنت أكرهها. لكن ذاك شعور حيال الروضة تجاوز الكراهية بحلول نهاية العام. لا تزال الذكريات المبهمة من تلك الأيام تطفو في ذهني من حين لآخر. أتذكر رؤيتي لأشياء كانت أكبر من فهمي وإدراكي. صور وأصوات غامضة بالكاد أتذكرها. كنت أعاني الكوابيس سابقا. أعتقد أن ما يخيفني الآن هو ذكرى الأحاسيس من ذلك الوقت.

عثرت مؤخرًا على ألبوم صور قديم من سنوات الروضة وأعادني بالزمن. رأيت صورة معلمي. كان رجلاً يابانيًا عجوزًا يدعى السيد أراتا. كان غريب الأطوار. لم يبدو ودودًا أبدا مع الأطفال، بل كنا جميعا نكرهه. كان السيد أراتا سريع الانفعال وكثير الغضب، لكنه بالتأكيد يعدّل سلوكه عندما يراقبه مدير المدرسة أو مدرسون آخرون.

أتذكر في أحد الأيام حين أخبرتني أمي أن أحد زملائي في الصف قد اختفى. كانت تشاهد الأخبار بقلق. ثم أخرجتني من المدرسة عندما اختفى طفل ثان في صفي. قالت أنها ستعيدني عندما يعود الوضع آمنًا. فرحت لغيابي عن المدرسة. كنت صغيرا ولم أفهم ما يعنيه اختفاء طفل. عدت للصف بعد فترة. تم العثور على الأطفال، لكنهم لم يعودوا للمدرسة وانتقلوا لسبب لا أعرفه. سمعت زميلة في الفصل تقول أن الأطفال المختفين لم يتذكروا ما حدث لهم. قالت أنهم "تعرضوا لجرح تحت سرّتهم وتمت خياطة الجرح". كانت تعرف هذين الطفلين جيدًا. أعتقد أن اسمها كان كاتي أو كيتي. افترضت أنها كانت تكذب فحسب. حتى وأنا بعمر السادسة، لم أكن ساذجًا كفاية لأصدق هذا الكلام.

الأحد، 7 يناير 2024

التبخر

 

الماء هو المكون الأساسي في الحياة. يروينا ويروي محاصيلنا وماشيتنا. إنه حيوي لجميع أشكال الحياة المعروفة. نعتمد عليه لغسل سياراتنا وطعامنا وإنتاج طاقتنا. له تأثير على كل نشاط في حياتنا اليومية. وبدونه تتوقف الحضارة. ستنهار الحكومات أمام عدو لا يهزم هو الجفاف. وتبقى مسألة أيام قبل أن يموت كل كائن حي على الأرض. باختصار، لن نعيش دون الماء.

بدأت تلك المحنة قبل يومين بالضبط.

لا أعرف كيف بدأ الأمر. لا أحد من الناجين يعرف. تراوحت النظريات بين شبه المعقولة كأن يكون نوعا جديدا من غازات الدفيئة، إلى المضحك كأن يكون السبب أشعة غامضة تبخّر الماء فقط. أتذكر تلك الساعات بحنين، فلم نتبيّن وقتها مقدار هول الأمر، ولم يُحكِم الهلع قبضته على الجنس البشري بعد.

ما الذي حدث؟ سأشرح لكم ببساطة. لا أعتقد أنني سأوفي الأمر حقه، لكن سأحاول.

أول شيء هو أن كل قطرة ماء عذبة على الكوكب قد تبخرت.

هل لكم أن تخيلوا أن جميع الأنهار والبحيرات وكل مصدر طبيعي للماء قد جفّت تماما ودون تفسير منطقي؟ أشك أنكم ستفهمون، لكن هذا ما حدث بالضبط. لم يقتصر هذا على المصادر الطبيعية. حسب علمي، فكل زجاجات المياه في العالم تبخرت أيضًا، وكذلك خزانات المياه والمصادر الأخرى. كما اختفى الماء من المواد الأخرى كالمشروبات الغازية، لتصبح مجرد مركبات سكرية كريهة تصيب من يتناولها بالغثيان. لم تبق قطرة ماء عذب واحدة في أي مكان على الأرض.