السبت، 26 يناير 2019

الغرفة 308

أحبّ استكشاف الأماكن المهجورة مع صديقي مارك. نحن نقوم بهذا منذ سنوات ولم نملّ منه أبدا. لقد أدمنّا الشعور بالخوف ونحن ندخل مناطق جديدة ومجهولة، ونحن نتساءل عما شهدناه من أحداث. أدمنت على الأمر من المغامرة الأولى. ولكنك تجد نفسك وقد مللت من استكشاف البيوت وتتوق إلى شيء أكبر، وهذا ما قادنا إلى ما حدث السنة الماضية.

كان هناك مستشفى كبير مهجور بالقرب منا، على بضعة بلدات فقط. لم نره بأنفسنا، لكننا كنا نعرف أنّه كان مهجورا منذ عدّة عقود، بعد أن تم إغلاقه لفتح مستشفى أصغر وأحدث. اقترحت الأمر على مارك ولكنه لم يوافقني على الأمر، إذ كان قلقا من قدوم الشرطة والقبض علينا. تمكنت من إقناعه في النهاية وأخبرته أنه إن حدث هذا فسيأمروننا بالخروج لا أكثر.

انطلقنا في حوالي السابعة والنصف مساءً، لكن الوقت كان صيفا فلم تغرب الشمس بعد. راجعنا خطّتنا في الطّريق. كان المستشفى معزولا، وغطت الأشجار المنطقة حوله. كانت الفكرة أن نتجه إلى موقف سيارات على بعد ربع ميل منه. من هناك سنتسللّ عبر الغابة، وعندما نصل سيحلّ الظلام وسندخل عن طريق الممر الأمامي المفتوح إلى الباب الأمامي دون أن يلاحظنا أحد.

وصلنا إلى الموقف، ووقفنا بجانب السيارة لبضع دقائق. كان الطريق بجانب الموقف يمرّ عبر المستشفى، وأردنا أخذ فكرة عن المرور (وبهذا، احتمال أن يرانا أحد). بدا حظنا جيّدا: انتظرنا لعشر دقائق ولم تمر إلا سيارة واحدة فقط.

تفقدّنا تجهيزاتنا. كل منّا لديه مصباح كاشف وقنينة ماء ومطهّر وصندوق أشرطة لاصقة، ولاسلكي رخيص، إذا قرّرنا أن ننفصل في اتجاهات مختلفة.

اتجهت نحو الأشجار، لكن مارك ربّت على كتفي.

"كدت أنسى، أخذت هذه من المكتبة في وقت سابق".

مدّ يده إلى حقيبة ظهره وأخرج ورقة ملفوفة.

"إنها خريطة للمبنى، وبها مخارج الطوارئ وغيرها. خذها".

سألته، "ألا يفسد هذا متعة الاستكشاف؟"

"سنستعين بها متى احتجنا إليها. فإذا تأذّى أحدنا، سيكون من السيء أن ينزف حتى الموت وهو يبحث عن مخرج".

"حسنا، لكن لماذا يجب عليّ أن آخذها؟"

"لأن أحدنا يعني أنا".

كان محقا. ففي السنوات التي قضيناها ونحن نستكشف الأماكن، أصبنا في ثلاث مناسبات. وكانت جميع الإصابات من نصيب مارك. وضعت الخريطة في جيبي، وسرنا نحو المستشفى.

كما هو مخطّط، حل الظلام عندما وصلنا إلى هناك. لم نميّز حدود المبنى من السماء بسبب الأشجار المحيطة. سلّطنا مصابيحنا الكاشفة عليه فرأينا الحائط الحجري المكون من ثلاثة طوابق. كانت أغلب النوافذ محطمة.

كان المدخل الرئيسي مفتوح على مصراعيه. وعندما اقتربنا وجدنا أحد مصراعي الباب ملقى على الأرض، أما المصراع الآخر فلم يكن موجودا. بالتأكيد فلم نكن أول من يستكشف المكان، وهو ما كان متوقّعا. ولا أعتقد أننا  كنا سنقتحمه بأنفسنا.

دخلنا.

السبت، 12 يناير 2019

الأبواب

تبنّتني إحدى العائلات. لم أعرف أمي الحقيقية. أو بالأخرى كنت أعرفها في زمن ما ولكني تركتها وأنا صغير ولا أتذكر شيئا عنها. أحببت أسرتي الجديدة. كانوا لطفاء جدا معي. اهتموا بإطعامي، وعشت في منزل دافئ ومريح، وكنت أسهر حتى وقت متأخر.

اسمحوا لي أن أخبركم عن عائلتي بسرعة: أولا هناك الوالدة. لم أكن أدعوها أمي أو أي شيء من هذا القبيل. بل فقط أدعوها باسمها الأول. جانيس. لكنها لم تمانع على الإطلاق. كنت أدعوها بهذا الاسم لفترة طويلة، ولا أعتقد أنها لاحظت الأمر. كانت امرأة لطيفة جدا. وأعتقد أنها هي التي أرادت أن تتبنّاني في المقام الأول. كنت أسند رأسي عليها أمام التلفزيون وكانت تدغدغ ظهري بأظافرها.