كنت أمارس الغطس لفترة من الزمن قبل أن أتوقف عنها. كنت
أعشق هذه الهواية، وكانت عندي رخصة وكل المعدات. كان المنظر جميلا في الأسفل. كنت
أرى الرمل المزخرف، والماء يجري فوقي كأنه سحاب أزرق، ووميض نور الشمس والأسماك
ذات الألوان البراقة. نلت حصتي من متعة استكشاف حطام السفن والكهوف، لكن أفضل تجربة
هي الغوص إلى الأعماق، ورؤية مخلوقات أعماق البحر وهي تبحث عن غذائها.
هذه قصة آخر رحلة لي. كنت أغوص قرب جزيرة أنتيغوا حوالي
أربعين قدما (12 م) تحت الماء. كان معي خزانان لذا أمكنني البقاء لعدّة ساعات. انحدر
الجرف الرملي يساري إلى الصخر والمرجان. لم أرى الكثير ذاك اليوم وبدأت أصاب الملل،
لكن لاحظت وجود أخطبوط كبير. كان من النوع الذي يعيش في عمق البحر، ولا بد أنه
انجرف إلى السطح بما أنها لا تصعد إلى هنا. بدا بطيئا ولم يحدث ردة فعل عندما سبحت
فوقه.
إذا اقتربت من أخطبوط فإنه سيهرب خلال ثواني، وقد يغيّر لونه
ليختبئ وسط بيئته. قد لا تفعل كل الأنواع هذا، ولكنها بارعة في الاختفاء. لذا فإن
رؤية أخطبوط من عمق البحر عن قرب هو فرصة نادرة. كان طول جذعه نحو قدم من التاج
إلى المنقار ولونه أخضر داكن. كانت لوامسه ملتفة حول جسده. بدت عيونه كحلقات ذهبية
حول بؤبؤ أسود ضيّق. بدا لي كأنه يعاني صعوبة في الحركة وبدا شبه ميت.
قرّرت أن أقترب منه. كانت هناك بعض أسماك السريولا صفراء
الذيل تسبح قربي، فاصطدت واحدة بسكيني واقتربت من الأخطبوط بحذر وعرضتها عليه. دفعتها
أمامي وتركتها تنساب نحوه. مدّ الشيء ذراعه بتكاسل نحو السمكة، ثم جلبها إلى منقاره
والتهمها. اقتربت منه وأنا أحاول أن أجعله يعتاد وجودي.
بعد نصف ساعة أو نحوه، أصبح أكثر حيوية وتعوّد على رفقتي. قَبِل
هديتي وبدأ يلعب معي، فكان يندفع مبتعدا ثم يعود. كنت أحمل عصا لأفحص بها الحفر
والطين، ففكرت أن أعلّمه لعبة جلب العصا كالكلب. لوّحتها أمامه حتى جذبت انتباهه،
وبعد ذلك رميتها إلى جانبه. لم تذهب العصا لمسافة بعيدة، ولكن الأخطبوط لحقها وأمسكها
بلوامسه. لم يعدها إلي، فسبحت نحوه. قام بتلويح العصا أمامي ثم رماها إلى جانبي.
كان يقلّدني!