الأربعاء، 11 أغسطس 2021

الحفرة في الجدار

 

أخرجت جميع أشيائي، واتصلت بالشرطة وأبلغت مالك العقار. فعلتُ كل ما يجب فعله، بهذا لم يعد بوسعي شيء سوى مشاركة قصتي معكم.

منذ حوالي ستة أشهر، انتقلت أنا وصديقتي إلى شقة في حي بنتون بارك في سانت لويس. أصيب جدها الذي رباها بجلطة دماغية بعد حوالي أسبوعين من ذلك، وانتهى بها الأمر أن تعود إلى بيتها لرعايته. كانت تعيش معه طوال الوقت إلى أن نتمكن من استئجار ممرضة أو دار رعاية.

بقيت وحيدا في شقتنا المكونة من غرفة نوم واحدة فقط طوال الستة أشهر الماضية. إنها شقة جميلة وجيدة العزل. كانت هناك أربع شقق في المبنى على طابقين، وكنا في الطابق العلوي. لكن هناك بضعة أشياء غريبة في هذا المبنى.

أول شيء غريب لاحظناه في المكان بعد انتقالنا هو أن الجدران والأرضيات رقيقة ولا تكتم الصوت. كنت أسمع كل كلمة يقولها الجيران في الطابق السفلي، حتى أنني أعلم متى يستحمون. وأنا متأكد أنهم يعرفون ذات الشيء عنا. من الغريب أنه كلما عرفت أكثر عن شخص ما، كلما قلت رغبتك بالتعرف عليه.

انتقل الجيران قبل ستة أسابيع، ثم رحل سكان الشقتين الأخريين بعد ذلك بأسبوع. كان الأمر غريبًا نوعًا ما، ولكنه كان رائعًا أيضًا. بإمكاني الآن أن أشاهد وأسمع ما أريد بأعلى صوت.


أصبحت الأمور غريبة منذ حوالي أربعة أسابيع. كانت الساعة حوالي الواحدة بعد منتصف الليل، وكنت على وشك الخلود إلى النوم، وبدأت أسمع ضوضاء من الشقة الفارغة تحتي. كانت هادئة ولكنها ثابتة. ربما أصفها بين محادثة خافتة لشخص يتحدث مع نفسه، وبين محرك صغير. أخافني الأمر في البداية، ولكني اعتقدت أنه صوت أنابيب المياه أو الثلاجة، وأنني لم أسمعها من قبل بسبب ثرثرة وشخير الجيران. تعودت على الصوت الذي ظل يأتي ويختفي كل ليلة. لم يمّر زمن حتى رافقه صوت دق.

ثم بدأت أسمع صرير الألواح. كان هذا أول ربيع أقضيه هنا، فافترضت أن الألواح القديمة تستوي في مكانها تحت الحيطان الجصية الجديدة. ثم في إحدى الليالي، كنت أغسل أسناني وسمعت صوت دق قوي خلفي. كدت أطعن نفسي بفرشاة الأسنان. بقيت ثابتا في مكاني إلى أن تأكدت من عدم وجود أي شخص في المنزل، ثم أشغلت جميع الأضواء. عندها لاحظت شيئا غريبا في البناء.

هناك خزانة تقع على الجانب الآخر من وراء حائط الحمام، حيث سمعت صوت الدق. فتحتها متوقعًا أن صندوقا سقط من الرفوف، ولكن كل شيء ثابت في مكانه. طرقت على الحائط بين الخزانة والحمام وبدا أنه أجوف. بدأت أدرك أن الخزانة ليست واسعة كما كنت أعتقد. قست المسافة بخطواتي ثم بشريط القياس. هناك مسافة 30 بوصة (75 سم) بين الجدران اعتقدت أنها متجاورة.

حاول عقلي تفسير الأمر من جديد: لا بد أن هناك عوازل إضافية لتحفظ دفء الحمام، أو أن الجدران أكثر سمكا مما كنت أتصور. لا بد أن جرذا ضخما حاول صعود المسافة العازلة ثم تعثر وأصدر هذا الصوت. ليس مهما. على الأقل شعرت بتحسن كبير وقتها، وخاصة أنها كانت أول ليلة أقضيها دون تلك الضوضاء الغريبة تحتي.

كان كل شيء طبيعيا حتى ليلة الجمعة الماضية. كانت الساعة الثانية بعد منتصف الليل وعدت إلى المنزل متأخرًا من الحانة. لاحظت ـمرا غريبا أنا أصعد الدرج: باب الشقة التي تحتي مغلق. كان مفتوحا منذ أصبحت خالية، وقد اعتدت رؤية صورتي على المرآة داخلها كل يوم عندما أمرّ بها. ربما قام المالك بعرضها لزبائن جدد.

أحمل حقيبة الغسيل وأنزل الدرجات الحديدية الخلفية إلى غرفة الغسيل في القبو، والذي هو جزء من المرآب. أنزل إلى هناك وأبدأ بجمع ملابسي التي تركتها هناك في الحقيبة.

أبدأ صعود السلالم، ثم نظرت لأعلى إلى نافذة غرفة نومي فأجد النور مضاءً. هذا غريب لأنني لم أنسى إطفاء النور خلفي منذ كنت طفلا. لكنني رأيت أيضا ظلا على الستائر المغلقة. تجمدت مكاني من الخوف وكل شعرة في جسمي وقفت مكانها.

ثم انطفأ النور. حدث ذلك في أقل من ثانية. بقيت متجمدا مكاني لعشر ثوان أخرى، وأنا أحاول فهم ما أظن أنني رأيته. نزلت عبر السلالم وخرجت من خلال المرآب. اتصلت بسيارة أجرة ووقفت عبر الشارع مقابل المبنى وأنا أنظر إلى نافذة غرفة المعيشة. قبل حوالي خمس دقائق من ظهور السيارة، انفتحت الستائر قليلاً لبضع ثوان، كما لو أن شخصا ما كان يراقبني. ثم سكن كل شيء.

مكثت في فندق في عطلة نهاية الأسبوع، ثم عدت يوم الأحد مع صديقين لأعرف إن تعرض أي شيء للسرقة.

كان كل شيء في مكانه. كان اللابتوب موصولا بالشحن، وحتى تلفازي الجديد كان موجودًا. كانت الأبواب مقفلة. أخرجت كل أشيائي ذلك اليوم. قررت أن أدخل مع أصدقائي وأتفحص الشقة تحتي. كانت الخزانة داخلها تخفي وراءها نفس الجدار السميك.

لكن الغريب أن صاحب الشقة ضرب الجدار بمطرقة أحدث حفرة كبيرة، وكشف عن مساحة خالية صغيرة داخل الجدار.

وفي هذه المساحة المظلمة داخل الحائط، وجدت سلما رخيصا يتجه إلى أعلى نحو الجدار السميك في شقتي.

لا أعرف كيف دخل شقتي من هناك، ربما من خلال فتحات التدفئة في السقف. لا يهمني. كل ما يهمني ألا أرى هذا المبنى مرة أخرى. أرسلت مفاتيحي إلى المالك، ورويت كل شيء لشرطي لم يكترث بي. فعلت كل ما بوسعي، وسأمضي قدما. استقلت من وظيفتي السيئة، وربما كان هذا أفضل شيء في الأمر.

أنا أكتب هذا في منزل أحد أصدقائي. كنت سأستغل هذا الوقت لأخرج من المدينة وأنتقل مع صديقتي وجدّها، لكنه مات قبل يومين. أفكر بالعودة إلى الريف وأبدأ من جديد.

لم أخبرها عن الأمر بعد، ولا أعتقد أنني سأفعل. أخبرتها أن المالك فقد صوابه وطردني. لم أرغب أن أزيد عليها المشاكل. لكنني لا أريد أبدًا أن أعيش في شقة، أو أسمع الناس يتحركون من تحتي أو على الجانب الآخر من الجدار. لن يحدث هذا مرة أخرى.

 

القصة: The Hole in the Wall

الكاتب الأصلي: Josef K

ترجمة Mr. Beshebbu

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق