الثلاثاء، 25 نوفمبر 2025

7:05

 

7:05 صباحًا

تستيقظ من سباتك صباح السبت بسبب طنين خفيف قادم من الناحية الأخرى من الغرفة. تندفع غريزيًا لإيقاف هاتفك الذي يهتز. ترى رسالة واحدة غير مقروءة من رقم لا تعرفه.

الاستلام: 7:05

"لست متأكدًا حقًا مما يحدث. أنا خائف ووحيد. لم أعد أعرف ما عليّ فعله. قررت توثيق ما يحدث بهذه الرسائل النصية في حالة عدم قدرتي على سرد القصة بنفسي".

ينتابك شعور مزعج، لكن عقلك ليس صاحيًا بما يكفي لاستيعاب ما قرأته للتو. ما زال الوقت مبكرًا على ذلك. تقرر العودة للسرير وتتعامل مع الأمر لاحقًا.

9:10 صباحًا

يرن طنين هاتفك المألوف في رأسك فتستيقظ وتجد رسالة أخرى غير مقروءة. صادرة من نفس الرقم الأول، والشعور الذي ينتابك وأنت تقرأ الكلمات لا يختلف كثيرًا أيضًا.

 الاستلام: 9:10

"قررت أن الحمام سيكون مكانًا جيدًا للاختباء. أقسم أنني أسمع خطى قادمة نحوي. أسمعها لساعات. أحتاج إلى إيجاد طريقة للخروج، لكنني خائف جدًا. أشعر وكأن الجدران تغلق عليّ. كل ما أعرفه هو أنني بحاجة للخروج من هنا. المكان ليس آمنا".

بدأتَ تشعر بالقلق. تريد المساعدة وتحاول الرد، لكنك غير متأكد مما ستقوله. تحاول تجاهل الرسائل باعتبارها مزحة، لكن هذا لا يخفف من القلق. في الوقت الحالي، تقرر أن تستمر في يومك كما المعتاد.

11:14 صباحا

مرت ساعتان. هدأ القلق بداخلك. ما زلت تجد نفسك غير قادر على تناول الطعام. هذا الشعور لا يمكن تفسيره وأثر على شهيتك. ثم تسمع نفس الصوت من قبل.

الأربعاء، 12 نوفمبر 2025

أنتران

 


تم التقاط الصورة في زمن ما في السبعينات. إنها الصورة الوحيدة التي الباقية لابني، مع كائن صناعي يدعى "أنتران"، الذي تبنّته عائلتنا في ذلك الوقت.

كان صيفا دافئا في منتصف السبعينيات. كنت عائدا من عملي في شركة قطع الأشجار بعد وردية طويلة، لكن تعيّن عليّ التوقف عند مكب القمامة لأرمي بعض المكاتب القديمة. وصلت إلى هناك ولفت نظري شيء هناك. أمعنتُ النظر، وذهلت لرؤيتي ما اعتقدت أنه دمية. كان لها غلاف خارجي بلاستيكي بأطراف معدنية، والمدهش أكثر أن لها وجها بشريا وعيون جامدة وسوداء. سأكون صادقا وأقول إنني كنت فضوليا وقتها. أعجبتني صنعة هذا الشيء بشدة، ولم أفكر كثيرا قبل أضعه بعناية على المقعد الخلفي وأخذه إلى المنزل.

حظيت الدمية باهتمام ابني بشدة مثلي تماما. عملنا عليه خلال الأيام التي تلت، ففتحنا غطاءه ونظرنا إلى دوائره الكهربائيةـ ونرى إن كانت به قطعة ضائعة أو معطلة. ولدهشتنا، عاد هذا الكائن (أو الروبوت) إلى الحياة. كان يدير أطرافه ويقبض يديه ويحرّك عينيه، وبعد لحظات وقف من تلقاء نفسه. غنيّ عن القول أننا كنا خائفين ومسحورين في نفس الوقت. فكرت في نفسي عمّن يمكنه صنع هذه القطعة الرائعة.

الجمعة، 31 أكتوبر 2025

التنين التاسع والعشرون

 

فوق أرصفة ميناء سياتل المغطاة بالملح، يوجد كوخ قبيح من الألواح الخشبية، نوافذه ملطخة بالأوساخ وجدرانه مغطاة بشباك الصيد.

هناك حانة أبلاها العمر، ولكنها ملاذ لعمال السفن والبحارة الذين يقضون أيامهم في الركض عبر هياكل السفن المتهالكة، ويقضون لياليهم في يشربون حتى يفقدون الوعي.

إنها مكان دنيء، فأي تعليق سخيف سيعرّضك لتلقي لكمة في وجهك أو ربما تجد نفسك مرميّا في المياه القذرة.

في أي ليلة من الليالي، قد تجد بحارًا صينيًا عجوزًا متكئًا على منضدة الحانة، عريض المنكبين وضخم البطن وله نظرة جامدة لا تفارق وجهه العريض. اسمه هاو مينغ، ولكن بالنسبة لرواد الحانة الدائمين فهو معروف باسم "الرجل ذو التنانين الثمانية والعشرين". هناك ثمان وعشرون وشما لزواحف طويلة تتشابك مع بعضها عبر ذراعيه وساقيه وتلتف عبر عضلات ظهره.

يدعي هاو أن كل تنين يمثل جزءًا مهمًا من حياته، حيث تتحول القصص إلى حبر. اشتري له كأسًا وسيسعد بمشاركة الحكايات المثيرة خلف كل واحد منها، ويحكي لك كيف أن ألوان التنين تمثل ما مرّ به من فرح ورعب وحب وفقدان وموت. قم بزيارته في 28 ليلة واشتري له 28 شرابًا وسترى قصص حياته تتشابك وتندمج أمامك وتتحول إلى صورة كاملة لهذا العجوز السكير.

وبعد ذلك، بعد أن تستنفد خزينة مغامراته، تستبيحه عذرا وتغادر في جنح الليل، حيث يتمايل ضوء مصابيح الحانة على الأمواج المظلمة. سيُكمِل الرجل العجوز شرابه ويضم قميصه إلى صدره، ليخفي سره الأخير، وشم تنين آخر.

لقد أقسم منذ زمن طويل ألا يكشف أبدًا عن الوشم أو حكايته لأي روح حية. إلا واحدا... كانت ليلة عاصفة، وانهمر المطر عبر النوافذ وكأنه حبر من أثر الأوساخ، وعصفت الريح عبر الخشب المتشقق، ثم روى لي القصة...

كانت ليلة مسلية حيث كنت أستمتع بشرابي وأشاهد مينغ وهو يوسع ضابط تموين مخمور ضربا، حيث رمى كلامًا حول عيونه الضيقة. وقع الضابط إلى الوراء، وأمسك بقميص مينغ ومزق مقدمته وكشف للحظات عن صدره.

زأر مينغ ولكم السكير تحت ذقنه وأسقطه أرضا. سحب مينغ قميصه على كتفيه وعاد إلى شرابه. عادت الضوضاء في الحانة إلى طبيعتها، وواصل الجميع ضحكهم ومزاحهم. كنت الوحيد الذي رآه – الثعبان الأسود المنقوش على قلبه. تنين صيني يتلوى ذيله العريض في حلقات، وشواربه الطويلة تبرز من وجهه كأنه شعر مبلل ومتشابك...

سلّحتُ نفسي بالثقة وكأس من الكحول، وجلست بجواره وقدمت له الكأس. عرفني بأنني أحد الزبائن الدائمين وقبل عرضي. غمز وهو يمد ذراعيه "حسنًا يا صديق، ما هي القصة التي تريد أن تسمعها الليلة؟" أشرت إلى صدره نحو الثعبان المختبئ عند قلبه. اختفت ابتسامته في لمح البصر. حدق في عينيّ، وانقلبت شفتاه الثقيلتان إلى عبوس وتجهّم. قال: "ليست قصة جيدة، انسَ أنك رأيته".

شعرت بالرغبة في الاستسلام، لكنني لاحظت أنه يتأرجح قليلاً في كرسيه. واغتنمت الفرصة، وطبطبتُ على كتفه، وأخبرته ألا داعي أن يقلق، وطلبت له كؤوسا أخرى تعبيرا عن نيّتي الطيبة. ثم انهار بعد ساعتين وعشرة كؤوس.

الأحد، 12 أكتوبر 2025

مرآة الحمام

 


أنا أكتب هذا في هذه اليوميات لأنني قد أصاب بالجنون إذا لم أفعل. قد تعتقدون أنني مجنون بعد قراءة قصتي. أتمنى لو كنت مجنونا.

اسمي جاريد، وعمري 22 عامًا. انتقلت مؤخرًا إلى شقة جديدة في ريف ولاية ماين. سار كل شيء بخير في الأسبوعين الأولين، ولم أواجه أي مشاكل في إفراغ أغراضي التي بدا أنها تناسب المكان. كما لو أن كل ما عندي تم شراؤه خصيصا لهذه الشقة. نسيت شركة الكهرباء أن تقفل الكهرباء واشتراك الكابل والواي فاي بعد مغادرة المستأجر الأخير. لكن عندما أفكر في الأمر الآن، أظن أن السكان الآخرين غادروا بسرعة لدرجة أن الشركة لم تعلم برحيلهم أبدًا. لا ألومهم.

كانت ليلتي الأولى في الشقة رائعة، بعد أن أثثتها بالكامل ورتّبتُ كل شيء كما أحب. لم تواجهني أي مشاكل في التكيف مع البيئة الجديدة. غفوت بعد خلال خمس دقائق من دخولي السرير. كان الأمر غريبًا، لأنني عادةً ما أجد صعوبة في النوم في مكان لم أعتد عليه. أحسست بأن هذه الشقة بُنِيت لي، رغم أنها متهالكة وفي منطقة معزولة. قد لا أرتاح مع العزلة، لكن ذلك لم يزعجني في هذه الشقة.

مر اليوم الثاني بخير أيضا، ولكني لاحظت شيئًا غريبًا في مرآة الحمام. تم طلاؤها بطلاء أسود ولا يمكن رؤية شيء منها. رأيت مطرقة على البلاط كما لو أن أحدًا ما قد أوقعها وغادر بعد أن فكر في تحطيم المرآة، وكان قلقًا وأراد مغادرة الشقة ولم يتذكر أخذها معه قبل رحيله.

الجمعة، 26 سبتمبر 2025

غابة الشيطان

 


عادةً أكتب قصص الكريبي باستا، ومن المؤكد أنكم سمعتم ببعضها، ولكن اليوم بدأت أفكر في بعض الأحداث في طفولتي. ربما أفسرها بسهولة الآن عندما أتذكرها، لكنها كانت مرعبة في ذلك الوقت. لا شيء يضاهي الرعب الذي يشعر به الطفل عندما يكون مقتنعًا تمامًا بأن شيئًا فظيعًا سيحدث، وقررت أن أشارككم بعضًا من هذه التجارب، وربما أسمع بعضًا من تجاربكم.

الصورة مرتبطة بالموضوع. إنها لقطة شاشة من خرائط قوقل لغابة صغيرة كنت أقضي فيها الكثير من الوقت عندما كنت طفلا. عشت في المنطقة من سن الثالثة حتى العاشرة، وخلال تلك السنوات ذهبت إلى تلك الغابة مرات لا تحصى. الله وحده يعلم ما الذي جعلها تخيفني.

كانت هذه المنطقة تسمى "غابة الشيطان" وهو اسم مناسب. لا أعرف الاسم الرسمي بالتحديد، لكن المراهقين هنا سموها هكذا لإخافتنا نحن الصغار. بكفي القول أن الأمر نجح، إذ أن الكثير من الأشياء الغريبة حدثت في ذلك المكان.

كانت ترافقها شائعات وأساطير كما هو الحال مع مثل هذه الأماكن. إحدى القصص المفضلة لدي كانت حكاية عن الغجر الذين قيل أنهم عاشوا في مساحة خالية من الشجر، وهي النهاية الضيقة التي ترونها في الصورة.

كما يقال، أقام عدد من الغجر معسكرًا هناك، وكانوا يحبون قتل الأطفال كما يفعل كل السحرة والغجر في القصص الشعبية. أهم التحديات التي نقوم بها هو أن تذهب إلى نهاية الغابة بمفردك ولمس آخر شجرة تصل إليها ثم تعود. بالنسبة لي فقد فعلت هذا مرتين، وقد حدثت أشياء غريبة في كليهما.

الثلاثاء، 9 سبتمبر 2025

قصة متوارثة

 


سأروي القليل عن نفسي قبل أن أسرد قصتي. قد لا تملك عائلتي أي ثروة، لكنني بالتأكيد ورثت منها الكثير من قصص الأشباح.

القصة التي سأرويها الآن لا علاقة لها بي. معظم تلك القصص تتعلق بجدتي، التي كانت مصدر الإلهام الوحيد لي وكانت هي راعيتي. وبفضلها، أنا الآن في جامعة جيدة وسأغادر إلى اليابان في شهر مارس بمنحة دراسية كاملة.

قبل أن أبدأ في الدخول إلى القصة، أعتقد أن المهم أن أعلمكم بتفاصيل عن جدتي. ولدت جدتي في 23 ديسمبر 1933 في مقاطعة جانج ووندو التي تعد الآن إحدى المقاطعات الرئيسية في كوريا الجنوبية. ولدت لعائلة فقيرة، كانت أمها فقيرة من طبقة يانغ بانغ (طبقة العلماء النبيلة) ووالدها مزارع. كان لها ثلاث أخوات (وهن يعشن في أنحاء العالم الآن)، ومع كون جدتي هي الكبرى، كان مركزها الثاني لإدارة المنزل (الطبخ، التنظيف، الغسيل) في سن مبكرة وهي لا تزال ابنة سبع سنوات.

إذا لم تعرفوا الكثير عن تاريخ آسيا، فقد ولدت جدتي أثناء الاحتلال الياباني لكوريا. تركت محل إقامتها عندما بلغت الثامنة. أظن أن جدي الأكبر قتل أحد أعضاء البرلمان الياباني، واضطروا إلى الانتقال إلى مقاطعة أخرى هربا من الإعدام. تم القبض على جدتي أثناء هروبهم، وأرسلت إلى اليابان حيث عاشت كعاملة بالسخرة.

عندما كانت جدتي في اليابان، بدأت علاقة طويلة مع ما زعمت أنهم "أنصافنا الأخرى". عندما كانت تحكي لي قصصهم، قالت أنها ستأخذ هذه القصص إلى قبرها. كان لديها اعتقاد قوي بأن الطبيعة العدائية للأرواح ستطال من يتكلمون عنها. ومع ذلك، فقد جاءت إلى الولايات المتحدة واعتنقت المسيحية، وهكذا بدأت قصتها بإيمان راسخ بأن بيسوع هو حاميها.

آسف على الاستطراد. تم بيع جدتي لعائلة ساموراي فقدت شرفها، وقد قام رب الأسرة وقتها بإنزال سيف أبيه خلال الحرب وبدأ العمل الأكاديمي والتجاري. كان يملك المال، لكن نظر إليه أهل وطنه بازدراء شديد، ولجأ للعيش مع زوجته في مكان مجهول.

كانت جدتي إحدى ثلاث فتيات اشتراهن رب الأسرة كعاملات. كانت جدتي الأصغر بينهن، وحظيت باهتمام كبير من قبل سيدة المنزل. كانت السيدة عاقرًا حسب كلام جدتي، وكانت سعيدة بوجودها في المنزل، لكن لم تنشأ بينهما أي علاقة حقيقية بسبب المشاكل العرقية.

ومع ذلك، بدأت المشاكل عندما حدثت علاقة غرامية بين إحدى العاملات ورب الأسرة. خلال هذا الوقت من التاريخ الآسيوي، وخاصة مع احتدام الحرب وفرض القيم والأخلاق الكونفوشيوسية، كانت الزوجة الصالحة تبقي صامتة وتتقبل ببساطة أن زوجها يستمتع بشيء من الحب على الهامش.

الشيء الوحيد الذي أزعج السيدة كثيرًا هو أن رب الأسرة كان مفتونًا بالعاملة. بدأ يهمل السيدة ولا يدخل غرفته كثيرا، بل يقضي وقته معها في مسكن العبيد. أثار هذا غضب السيدة بشدّة، وانفجرت أخيرًا عندما أصبح العاملة حاملا.

 

وعندما أدركت العاملة أنها حامل، حاولت على الفور استخدام كل الطرق البدائية لإجهاض الجنين. جلست في الماء البارد لفترة طويلة خلال الأشهر الأولى، ثم تناولت جرعة شبه مميتة من السم.

في هذه المرحلة، حتى جدتي عرفت أنه من غير الممكن أن يبقى الطفل حيا لهذه الفترة. ما كان ينمو في بطن زميلتها كان ميتًا في أحسن الأحوال، ولكن في أسوأ الحالات سيكون مشوهًا بشدة.

ومع ذلك، فقد جن جنون رب الأسرة لأنه سيحظى أخيرا بطفل يحمل اسمه. وعدها أنه سيهرب معها إلى كيوتو ويزوّر أوراق جنسيتها اليابانية إذا أنجبت له طفلاً.

أعلن رب الأسرة عن نواياه في وقت متأخر جدا. استمر المولود الميت بالنمو في بطنها، ولم تكن لديها الجرأة لتخبره بما فعلته، فقد كانت على يقين من أنها ستُطرد لتموت في العراء عندما يكتشف أمرها.

لم تكن السيدة غبية، واكتشفت أمرها قبل شهر من الولادة. لم تنفع حيل العاملة لإخفاء كبر بطنها، سواء بربط بطنها أو ارتداء طبقات من الثياب.

كان غضب السيدة من الروايات المفضلة لجدتي، فقد كانت غاضبة لدرجة أن جدتي لم ترى أحدا يكاد يموت بنوبة قلبية بسبب الغضب. أمسكت بسيف حماها الأثري، وجرّت الفتاة إلى منتصف فناء المنزل، حيث يوجد بئر للماشية القليلة التي لديهم.

قطعت السيدة يدي الفتاة وألقت بها والجنين في رحمها على حافة البئر.

كان رب العائلة حزينًا، وبما أن الطلاق لم يكن موجودًا في ذاك العصر، غادر لوحده إلى كيوتو ولم يعد. وكان يرسل المال إلى زوجته من حين لآخر لتواصل إدارة ممتلكاته. من هنا بدأت المشاكل الأخرى بالحدوث، وفقا لكلام جدتي.

حاول عدد من عمال السخرة الكوريين إقامة جنازة صغيرة على شرف الفتاة، لكن السيدة استشاطت غضبًا وهددت بقتلهم جميعًا إذا حاولوا رمي أي شيء من الأرز في البئر. انصاع جميع العمال بسرعة خوفًا من السيدة التي فقدت عقلها، ومن بينهم جدتي.

بدأت أول مشكلة مع ظهور بِرَكٍ من المياه الراكدة حول الشرفة الرئيسية القريبة من البئر. حدث شجار بين عامل الحديقة والطباخ حول من يجرّ الماء خلفه، لكنه الشجار انتهى عند ذلك الحد. كانت جدتي الأصغر والأضعف بين العمال، وتم تكليفها بمسح المياه. تقول إنها تتذكر بوضوح وجود خصلات سوداء وطويلة في إحدى البرك، لكنها رأت أنها من شعرها أو شعر إحدى العاملات، وواصلت عملها.

بدأت أشياء غريبة تحدث مع انقلاب الشتاء إلى ربيع، وأصيب العديد من الخدم اليابانيين في العقار بالفزع وغادروا. لم يكن أمام العبيد خيار سوى البقاء طالما السيدة حية.

ثم بدأت المياه الراكدة تظهر في كل مكان في المنزل. عملت جدتي بأقصى طاقتها لتنظيف كل المياه الآسنة التي رفض العبيد الآخرون لمسها. كانت جدتي صغيرة فلم تفهم ما كان يحدث تماما، وبدلاً من ذلك اتبعت الأوامر فحسب.

اعتقد العبيد بالفعل أن الفتاة التي قُتلت وهي حامل بدأت تسكن المزرعة، لكن الجميع ومعهم جدتي كانوا يعرفون أن الأفضل عدم التحدث عن ذلك بصوت عالٍ. واصلت العمل ومسح الماء.

وفي إحدى الليالي، اتجهت جدتي إلى سريرها، وأمرتها السيدة بالنوم معها. جعلتها السيدة تنام بجانبها وحضنتها مثل ابنتها، ما جعل جدتي تبكي حينها. تصرفت السيدة بلطف نحوها لأول مرة منذ أشهر، وهذا ساعدها على النوم.

لكن نوم جدتي انقطع عندما سمعت صوت دق خفيف على جانب الباب المغطى بالورق. اعتقدت أنها تتخيل الأمر أو أن عصا ألقت بها الريح على الباب، كانت على وشك العودة للنوم عندما ظهر خيال داكن على ورق الباب. بدأ الورق بامتصاص الماء.

اعتقدت جدتي أنها لا تزال تحلم، فنهضت إلى الباب وفتحته، لترى زميلتها العاملة تقف أمامها وبلا يدين، ومبللة بالكامل، بينما لا تزال تظهر عليها علامات الحمل.

بدأت جدتي تتحدث مع صديقتها المتوفاة، لكنها قوبلت بالصمت. توقفت جدتي عن الكلام، أشارت صديقتها بذراعها المقطوعة نحو السيدة. أسرعت جدتي لإيقاظها.

استيقظت السيدة ونظرت نحو الباب وصرخت وقبضت على جدتي بكلتا ذراعيها. فقدت جدتي وعيها من الصدمة، وكذلك من قبضة السيدة.

عادت جدتي إلى وعيها، وأخبرت الجميع أن السيدة مريضة وهي ترتاح الآن في غرفتها. قام عدد من الأطباء والمعالجين بزيارة السيدة والكشف عليها خلال الأيام التالية، ولكن دون فائدة. لم يكن هناك شيء ينفع لعلاج مرضها.

ظلت السيدة تتعذب حتى يوم وفاتها، وكانت تزعم أن كل ما تشربه يكون طعمه كالتراب، من شراب ساكي البرقوق الثمين الذي حاول الأطباء إرغامها على شربه، وكذلك الماء من مجرى المياه المشترك. كلما كانت بمفردها، كانت تقول أنها تجد شعرا مبللا متلبدا في طعامها طوال الوقت. لكن يبدو أن أيا من هذا لم يحدث أبدًا في حضور الآخرين.

توفيت السيدة ولم يكن هناك أحد آخر يأمر العمال، كما رحل جميع الخدم اليابانيين، وبهذا عاشت جدتي والعمال على مدخرات المزرعة حتى أسقط الأمريكيون القنبلة الذرية. كانت جدتي من أوائل من ركبوا قارب العودة إلى كوريا للعثور على عائلتها.

أفهم أن هذه القصة ليست لها خاتمة، وهي تشبه قصص الأطفال، ولكن أود هنا أن أروي الجزء الذي يصيبني بالرعب حتى اليوم.

سمعت هذه القصة عندما كنت بعمر العاشرة، ولم تكن قصص الأشباح التي ترويها جدتي تخيفني. كانت قصص الرعب الموجهة الأطفال أكثر إخافة من حكايات جدتي.

لكن عندما كان عمري 15 عامًا، كنت أشاهد برنامجًا كوريًا. في كل صيف، كانت إحدى شركات البث الكورية تبث فقرة مدتها ساعة من الأفلام القصيرة المخيفة التي تصور الأساطير والحكايات الشعبية. كانت أغلبها من هراء الرعب المتعاد: لا تنظر إلى الأعلى أثناء الاستحمام، ولا تترك طفلًا صغيرًا بمفرده أبدًا، إلى آخره.

ومع ذلك، فإن المقطع الذي شاهدته في ذلك العام جعلني آخذ كلام جدتي على محمل الجد قليلاً.

تم تخصيص إحدى هذه البرامج الخاصة عن الأساطير الحضرية اليابانية. كانت لا تزال نفس القمامة ولكن بأسماء مختلفة. أكاي أونا، المرأة المقص، وحش السرير... إلخ.

ومع ذلك، وكما أتذكر، هناك مجمع سكني في محافظة شيغا في اليابان يسكنه شبح مختلف تمامًا.

في كل ليلة، إذا حاولت ركوب المصعد بمفردك، تناديك امرأة من خارج المصعد، وتطلب منك إبقاء الباب مفتوحا. إذا كانت استجابتك سريعة وأمسكت بباب المصعد قبل أن يُغلق، فستدخل المرأة معك.

وصفها الأشخاص في البرنامج بأنها سيدة شابة وكان واضحا أنها حامل وكانت مبللة. زعم عدد منهم أنها طلبت منه بأدب أن يضغط على زر طابق معين، وستنزل قبلك أو بعدك حسب الطابق الذي تتوجه إليه. وهي تختار دائمًا رقمًا مختلفًا وفق رواية الشهود، لذلك لا ينزلون معها أبدًا.

يبدو أن من يدركون غرابة أمر المرأة (التي تكون مبللة رغم أن السماء صافية بالخارج) ليسوا محظوظين جدًا. لم يذكر أحد إذا كان قد تحدث معها حول مظهرها. لكن قال الضحايا في البرنامج دائما أنهم أصيبوا بكوابيس عندما أدركوا حالة الفتاة "الحقيقية" أثناء الرحلة.

أصابتني قشعريرة وأنا أشاهد هذا، وأنا جالسة على حاسوبي في غرفتي في هذا الصيف الحار، بينما كانت جدتي تنام في الغرفة المجاورة. لكن حاولت تهدئة نفسي قليلاً. ما احتمال حدوث هذا؟

ومع ذلك، فإن ما حدث بعد ذلك صدمني بشدّة. على ما يبدو، أصبحت مشكلة هذا الشبح كبيرة لدرجة أن مشرف المبنى نفسه ذهب في مهمة لمعرفة ما يجري بعد أن ابتلي هو نفسه بالكوابيس.

استمر المقطع بالمزيد من المعلومات، لكن أقسم أن بإمكاني قراءتها من ذاكرتي. كان المبنى مكان عقار لأسرة نبيلة، وكان هناك بئر مهجور في الطابق السفلي أصبح الآن مليئًا بالمياه الراكدة، وحفره يشكل خطرًا. غادر رب الأسرة إلى كيوتو، ويعتقدون أن شخصًا ما ربما مات في البئر وربما بقي يسكن المكان حتى يومنا هذا.

أنا أفهم أنه في عالم قصص الرعب فإن عبارة "هذا صحيح تماما" لا تقنع أحدا. لكنني بذلت جهدي لنقل كل ما أمكنني تذكره بطريقة أكثر إيجازًا.

 

https://www.creepypasta.com/Generation-story 

الاثنين، 25 أغسطس 2025

كارما

 

اليومية الأولى

ارتكبت خطأ فظيعا. اعتقدت أنني كنت مصابًا بالجنون فقط، لكنني أعلم الآن أنه يلاحقني. لن يسمح لي أن أنسى تلك الغلطة أبدًا.

لست متأكدًا من شكله. لا يسعني إلا أن أطلق عله اسم كارما. اعتقدت أنه سيحميني. كنت مخطئًا.

دعوني نبدأ من البداية. هناك طقس لا يُذكر إلا نادرًا ويدعى حكم الكارما. لن أصف هذه الطقوس لأسباب ستفهمونها. إنه خطير جدا.

سمعت بأمر هذا الطقس. فحوى الحكاية أنه بعد قيامك بهذا الطقس البسيط، ستحكم عليك الكارما. إذا قررت أنك شخص صالح فستجعل حياتك نعيما، وإلا... حسنًا، لهذا السبب أنا أكتب هذا الكلام.

لا بد أن هناك خطأ. أنا حقًا شخص طيب، أو هكذا اعتقدت. اعتقدت ببساطة أن الطقس لم ينجح، ولكن سرعان ما اتضّح لي أنني ملعون. بمجرد أن انتهيت من الطقس وهربت من المنزل وجدت كلبي الحبيب على سريري مقطع الأوصال. صليت إلى جميع الآلهة، فلم أؤمن حتى بأن هذا كان من عمل بشر عادي.

حتى الآن لم أقدر على النوم لثلاثة أيام، بغض النظر عن عدد المهدئات التي أتناولها. في كل مرة أنظر إلى النافذة أو المرآة، أرى خيالاً داكنًا لجزء من الثانية، ثم يختفي بمجرد أن أحاول التركيز عليه.

آمل أن كتابة هذه الأحداث قد تساعدني بطريقة ما. على الأقل أعصابي هادئة حتى الآن. هذا يكفي لهذا اليوم.

 

اليومية الثانية

لا أستطيع النوم. عندما أنام، فإنه يخطط لقتلي بطرق فظيعة لا أستطيع وصفها. كدت أن أنام الليلة الماضية، وأغمضت عيني لخمس ثواني. لكنني فتحتهما ورأيته! رأيت الكارما أمام عيني مباشرة. اتخذ شكل صبي صغير ذو شعر بني أشعث يرتدي خرقًا سوداء بالية من رقبته إلى قدميه. كما تمت خياطة فمه لأسباب لا أريد معرفتها، ورأيت نظرة الصدمة والكراهية في عينيه الخضراوين الصغيرتين.

ثم اختفى. بقيت صورته محفورة في ذهني. شعرت بالخوف وبألم حاد في كامل جسدي. أسرعت إلى المرآة ووجدت خدوشًا تنزف على بطني وظهري وساقي. بدت وكأنها من فعل أظافر بشرية.