الأربعاء، 9 أكتوبر 2024

لا يمكنني نسيانه

 

ذاك الشيء الطويل الذي يشبه الإنسان يتحرك بين الأشجار الكثيفة بلا أي مجهود كما لو أنه يطفو. لم يصدر منه أي صوت، والحركة الوحيدة التي ظهرت منه هي اندفاعه للأمام. كانا رشيقا ومرعبا في ذات الوقت. أنظر إليه وهو ينساب بهدوء فوق بحيرة متجمدة ويعود إلى الغابة.

حاولت أن أميّز ملامح وجهه ولم أقدر. ربما بسبب الضباب أو لقلة تركيزي، ولكنني ارتحت لأنني لم أر وجهه. أنا متأكد أن وجهه مرعب مثل تلك اللوامس (أو أيا كانت) التي تخرج من ظهره. تجمدت مكاني عندما اقتربت منه. ما الذي يجعلني أقترب من هذا الشيء أصلا؟ ما زلت لا أعرف. لكن هناك شيء به يجذبني رغم ذلك ويجعلني أرغب بالقدوم إليه.

بدأ قلبي يدقّ بسرعة، لكن ساقي كانتا تتحركان بخطى أسرع وأنا أطارد الشيء. استدار عند منعطف ولحقته، لكنني توقفت على الفور عندما رأيته يتوقف.

وجد أمامه فتاة صغيرة تبلغ التاسعة من العمر. كانت تحدق به في رعب، وكنت أخشى على حياتي وحياتها. حاولت أن ألوّح بيدي لها دون جدوى. بدت مذهولة بمظهر المخلوق كما حدث معي. وقفت هي ببطء، أما أنا فتراجعت وزحفت خلف شجيرة. لم أقدر على رفع بصري أو الحركة.

 

قرّب المخلوق وجهه من وجهها، فاتسعت عيناها وبدأت ترتجف. كانت مرعوبة لدرجة أن خوفي لم يمثل شيئا مقارنة بخوفها. كانت على بعد بوصات فقط من الكائن، وهما ينظران لبعضهما وجهًا لوجه. وقعت الفتاة، لكنني أمعنت بالنظر بها ورأيت صدرها الصغير يصعد ويهبط. لم تكن ميتة بل مغمى عليها.

أمعنت النظر بالمخلوق. ربما كان رجلا. أمسك بالفتاة وجرها خلفه. كان يزحف ببطء إلى الأمام، وشعرت أن عليّ اللحاق به، وبالطبع فعلت ذلك دون تردد. كنت في حالة لم تسمح لي بالتفكير السليم.

بعد عدة دقائق، توقف عند مكان خالٍ من الشجر. كانت الأشجار التي تحدّ المكان مغطاة بالحبال والأنشوطات، وتتدلى منها الجثث والأطراف المشوهة. إحدى هذه الجثث تم شنقها ببطء كما أوحى منظرها. رأيت أصابع إنسان (أو ما كان إنسانًا في يوم ما) وهي مغروسة في حلقه وهي تحاول التحرر من المشنقة. ما كان هذا؟ لا بد هناك ما لا يقل عن ثلاثين جريمة قتل ارتكبت هنا!

نظرت حولي في رعب. أحشاء متدلية وعيون مقتلعة. شعرت بالذعر وسرعان ما انهمرت الدموع على وجهي. ثم قلبت بصري نحو الفتاة المسكينة... قام بنزع أحشاءها في هذا الوقت القصير الذي كنت فيه مذهولا بهذا المكان.

اقتلع المخلوق عينيها وأطرافها، لكنه قبض على جدعاتها لإبطاء النزيف. بكيت أكثر عندما رأيتها تجاهد لتتنفس برئتيها الخامدتين وقلبها الضعيف. ما زال جسدها يعمل لأنه لم ينزع كل شيء. لا تزال على قيد الحياة.

ثم مزق المخلوق قلبها بحركة واحدة وهو لا يزال ينبض. كدت أتقيأ لكنني منعت نفسي. لن أدع هذا يحدث لي، ولن يحل بي ما حدث لهؤلاء. سأجاهد كيلا أصدر أي صوت، لكن جسدي كان متجمدًا فلم أقدر على الالتفاف والهرب. ثم أخذ المخلوق حبلا وعلّق ما تبقى من جسدها. لاحظت أن الأشجار المحيطة كانت ميتة.

توقفت حركته وهو يعلق ذراع الفتاة اليسرى... كان يعلم بوجودي، وسرعان ما استدار وواجهني. سيطر عليّ الرعب وحاولت أن أصرخ لكنني لم أقدر. هذا هو شكل الموت. لم أرى شيئا. كان بلا وجه. لكن وجهه الفارغ كان أكثر شيء مرعب رأيته في حياتي.

عندما استدار، سمعت صوت صراخ غريب، وكأنه أزيز ثقيل وعالي، مثل صوت التلفزيون الذي لا يعرض سوى التشويش، بل أنني رأيت ما بدا تشويش التلفزيون أيضا. بدأ كل ما حولي يدور ويتحول إلى السواد، وفي تلك اللحظة كشف لي المخلوق عن فمه. لم يظهر عليه أي ألم، ولكن ظهرت عليه ابتسامة شريرة. تمدد الجلد الشاحب على وجهه ببطء حتى فُتِح على شكل فم. بقي جلده سليما، لكن الجلد على زوايا فمه تمزق وشكّل ابتسامة ملتوية. كنت أعلم أنني أرى ما رأته تلك الفتاة وأسمع ما سمعته أيضًا. أعلم أنني سأفقد الوعي الآن ولن أستيقظ.

ما حدث بعد ذلك صدمني. لم أعرف وقتها لماذا لم يقتلني أو لماذا أخذني إلى مكان آخر من الغابة قبل أن أصحو من سباتي. لكن مهما كان السبب فقد عفا عني. وأنا أعرف الآن لماذا، لأنني قرأت عنه.

كان هذا المخلوق هو "سلندرمان"، والآن بعد أن قرأت المزيد عنه، أعرف أن فريسته الأساسية هي الأطفال، وهذا السبب الوحيد لبقائي حيا. كانت لديه الفرصة المثالية لقتلي، إلا أنه لم يفعل لأنني لست طفلاً. ربما ينال بهجة بقتل الأبرياء، لكني لا أريد أن أعرف، ولا يجب عليكم أن تعرفوا أيضًا. أود أن تكون هذه أول وآخر مرة أتحدث فيها عن هذه التجربة.

عليكم أن تتوخوا الحذر، وإن حدث أن قررتم الذهاب للغابة لأي سبب، لا تفعلوا. إن فعلتم ووجدتم سلندرمان أمامكم، أبعدوا نظركم عنه فورا، أو ستلقون نفس المصير. ثقوا بي عندما أخبركم أنه بمجرد رؤيته، سيكشف لكم عن نفسه أكثر من مرة. ما زال يتبعني حتى اليوم. أرجوكم ألا تدعوا نفس الشيء يحدث لكم.

القصة: I Cannot Forget Him

https://www.creepypasta.com/i-cannot-forget-him

ترجمة: Mr. Beshebbu

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق