الثلاثاء، 17 أكتوبر 2023

يا تي فيو

 


حتى عندما تختفي الشمس خلف الأشجار الطويلة ذات الخضرة المدهشة، وتتلاشى الغابات المطيرة من حولي في الظلمة، فإن الهواء يحمل حرارة لا تطاق.

لم يعد بمقدوري المشي أكثر. عليّ إيجاد مكان أنام فيه. عندي جراب جلدي أعطاه لي كاهن قبل أن أغادر القرية. يتدلى الجراب من حلقة على حزامي، ويلمس ساقي برفق مع كل خطوة أخطوها. أصر الكاهن على أن آخذ معي هذا الجراب المليء بالأزهار المسحوقة والجذور والتراب إلى الغابة حتى أكون بمأمن من الخطر. وافقت لسببين، أولهما أنني وافقته على أي خرافة يؤمن بها، ولأن القرويين هنا يعرفون هذه الأدغال أكثر من أي شخص آخر. قد يكون هذا الخليط في الجراب فعالا لطرد الحشرات أو يبعث رائحة لا يشمها البشر ولكن تنفر منها الوحوش البرية.

كنت سأسأل الكاهن عن أي مخاطر سيحميني هذا الجراب منها، ولكنني أعلم أن الشيخ العنيد لن يخبرني. \قضيت وقتًا في تلك القرية بما يكفي لأعرف أنه لا يشرح نفسه. إذا طلبت منه توضيح الغرض من الحقيبة، فسيسخر مني لأنني لا أثق في حكمته.

 

لاحظت أمامي شجرة ممتلئة القوام بلا أوراق. ربما يبلغ ارتفاع الجذع العريض خمسة أقدام وتنتشر الفروع من الأعلى بشكل أفقي، ما يذكرني بشقائق النعمان البحرية. كانت فروعها الخشنة خالية من الأوراق، ما جعلها واضحة بين الخضرة المحيطة بها. ازداد الليل عتمة مع مرور الوقت، وازدادت حاجتي للنوم أكثر من قبل، لذلك قررت التخييم هنا. صعدت على جانب الشجرة وجلست في مكان مسطح في الجزء العلوي من جذعها. كان هذا المكان مثاليا للراحة في الليل. يمكنني وضع حقيبة النوم هنا بعيدا عن الأرض الرطبة والمليئة بالحشرات. لن أقلق من أن يكتشفني حيوان مفترس خلال الليل. لاحظت وجود بعض جثث الحيوانات في أنحاء المنطقة، وأنا لا أرغب بمقابلة من تسبب بهذا.

أجلس في مكان منخفض قليلا من المسطح في أعلى الجذع، واكتشفت أن الجزء العلوي من الجذع مسامي وليّن ويكاد يكون إسفنجيًا، رغم أن بقية الشجرة خشنة وصلبة. إنه مريح للغاية حتى أنني قررت أنني لن أحتاج حتى لحقيبة النوم. ألقيت بحقيبتي وحذائي على جانب الشجرة، ولففت جسدي على المسطح ونمت بسرعة.

استيقظت وقد تجدد نشاطي، وأحدق في الشمس التي يسترسل شعاعها عبر الفروع. ينطلق قرد صغير من أغصان شجرة قريبة. اقترب أكثر قبل أن يستقر على غصن أخضر يتدلى قريبا من مكان جلوسي.

فجأة بدأت الأغصان الممتلئة على شجرتي تتأرجح. كانت حركتها بطيئة ودقيقة وهادئة. اندفع الفرع القريب من القرد إلى أعلى بصوت يشبه انكسار الخشب، وضرب الحيوان على صدره. طار القرد لنحو مترين ثم بدأ بالسقوط. بدا كما لو أنه قد هبط في حضني، وكل ما فكرت به هو أن أحاول الإمساك به. أمدّ يدي، ولكن قبل أن يصل القرد إليّ، تجمعت أغصان الشجرة معًا فوق رأسي وأمسكت بالقرد المسكين وسحقته. حلّ الظلام عليّ وقد وجدت نفسي داخل شرنقة من الأغصان التي اجتمعت لتقبض على القرد المسحوق. لم أرى القرد، ولكني الدم بدأ يتسرب ويقطر فوق رأسي. التصق ظهري على جدار الأغصان وأنا مرعوب، أشاهد الدم يتقاطر من فوقي. يمتص الخشب الدم بسرعة ويشربه بشراهة.

توقف الدم عن السيلان في النهاية، وبدأت الفروع تنفصل عن بعضها، عاد نور الشمس من جديد. عادت الأغصان لمواقعها الأصلية وقد اخترق إحداها جثة القرد، فهزّت الشجرة الغصن حتى ألقت بالجثة على الأرض. أدركت فجأة ما حلّ بجثث تلك الحيوانات الأخرى في الجوار.

أجلس بلا حراك خشية أن تنبته الشجرة إلى وجودي. بعد ساعة أجد الشجاعة للنزول والعودة إلى القرية. أدركت بعدها ما سمح لي بقضاء الليل دون أن يؤذيني من هذا الوحش آكل اللحم. أنظر إلى الجراب الجلدي على حزامي، وأدركت المخاطر التي حماني منها الكاهن.

 

القصة: Yateveo

الكاتب الأصلي: David Feuling

https://www.creepypasta.com/ya-te-veo

نرجمة: Mr. Beshebbu

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق