الثلاثاء، 22 يوليو 2025

هل تسمحين لي يا أمي؟

 

"أشكرك على حضورك بهذه السرعة"، قالت المرأة وهي تفتح الباب

"لا مشكلة يا سيدتي، فهذا عملي. ماذا يسعني أن أفعل لكِ؟" أجبتُها بابتسامة.

"هناك مشكلتي في مغسلتي. حاولت إصلاحها بنفسي ولم أنجح. ادخل وسأريك الطريق"، وأشارت بيدها لأتبعها. ابتسمتُ لها وأنا أستعد لأن أؤدي عملي كالمعتاد. قادتني إلى غرفة المعيشة. ثم أضافت "ابني نائم في غرفته، هلا حافظت على هدوئك؟"

"بالتأكيد، سأفعل ما بوسعي". لاحظت أنها فقدت إصبعين في إحدى يديها. لم أرغب أن أكون وقحا فلم أذكر الأمر.

"أقدّرُ لك هذا. هل ترغب بشراب بارد؟ ربما صودا أو ماء".

"الماء يناسبني. شكرا".

"حسنا، سأعود إليك. اجلس وارتح". انطلقَت نحو المطبخ ولكنها كانت تتحدث في الممر. لم يسعني إلا أن ألاحظ مدى شحوبها وهزالها. تلك المرأة المسكينة لن تملك فرصة للنجاة إذا دخل أي لص أو سفاح إلى بيتها. لاحظتُ أيضا أن بيتها جميل.

أدرتُ رأسي نحو الممر وتنفستُ بعمق. لاحظتُ وجود رائحة غريبة، أيا كانت فلم تعجبني. لاحظتُ أيضا أن السيدة ربما حاولت إخفاءها بكمية كبيرة من معطر الجو.

كنت أستعد لأنهض ثم أتت السيدة مع كوب من الماء. وضعَت الكوب برفق على طاولة زجاجية، ورأيتُ وجود كدمة صغيرة على ساعدها. سألتها "هل ذراعكِ بخير يا سيدتي؟ لاحظتٌ وجودـ..."

"أنا بخير"، قاطعتني وضمّت ذراعها إلى صدرها، "هل تريد أن تفحص المغسلة الآن؟" تبعتُها إلى المطبخ. مشينا قرب الممر وسمعت صوتا يشبه الحك من الغرفة الأولى على اليسار. كما رأيت ظلّين عند أسفل الباب.

ثم أتى صوت طفل من خلف الباب "أمي، هل يمكنني أخذه؟"

توقفت المرأة بنظرة دهشة حاولت تخفيها بابتسامة. ردّت عليه "عد إلى النوم يا عزيزي" بنبرة باردة لم تتوافق مع الابتسامة على وجهها.

ظل ابنها (كما أظن) يترجاها "هل يمكنني أخذه يا أمي؟ أعدكِ أنني سأكون طيّبا هذه المرة. أرجوك".

قلتُ لها "أظن أن ابنكِ بحاجة لشيء ما يا سيدتي".

 

"سينال ما يريده بعد لحظة"، ثم عادت إلى ابنها "كن صبورا يا حبيبي، سآتيك بعد قليل. أعدك". ثم ابتعدَت مسرعة ولحقتُها. أصابني شيء من القلق مما حدث. لاحظت وجود خدوش على الأبواب.

"هل كان هذا ابنكِ؟" سألتها بحذر عندما وصلنا إلى المطبخ.

تجاهلت سؤالي وبدأت تشرح لي المشكلة "أظن أنه انسدّ عندما رميت بعض بواقي الطعام هناك. لم أكن بكامل عقلي، ورميتُها في مصرف المغسلة بدلا من في سلة المهملات. كانت بضعا من نُتَف اللحم ولم أرى في هذا مشكلة. أظن أنني كنت مخطئة". بالنسبة لي فلم ألح عليها.

أجبتها "دعيني ألقي نظرة". وأخرجتُ أدواتي. أما هي فبقيت معي في المطبخ، واتكأت على الثلاجة وهي تراقبني. بعد ذلك بقليل فتحت أحد الأدراج وأخرجَت منه شيئا. لم أحدد ماهيته وولم أهتم، فأنا منهمك بالعمل تحت المغسلة.

ثم سألتني بعد بضع دقائق "هل تحب مساعدة الناس؟ ألهذا اخترتَ هذا العمل؟".

كان السبب في الواقع هو قلة الطموح وعدم اهتمام الوالدين، ولكني لم أرغب أكون وقحا فهززت رأسي ووافقتها فقط. "نعم أحب مساعدة الناس. أفضل شعور هو معرفة أنك جعلت حياة الآخرين أسهل".

تبع ذلك صمت آخر، وكان أطول من سابقه. أخرجتً رأسي كي أمدّ يدي نحو مفتاح الربط. لاحظت المرأة الخاتم على إصبعي.

"أرى أنك متزوج. ألديك أطفال؟"

"نعم. عندي طفلان، وأنجبت زوجتي الثاني قبل أسبوعين".

"هذا رائع! مبروك!" ثم توقفت من جديد. فتحت فمها لتتكلم من جديد لكنها توقفت. بدا من نظرتها أنها تفكر بشيء مهم جدا وتحاول أن تجد الكلمات المناسبة. ثم لاحظت على تعابيرها شيئا لم ألحظه من قبل، وهو الإرهاق.

"حسنا، يبدو أنك رجل لطيف—" ثم قاطعها صوت دق.

أدرنا رؤوسنا على الفور نحو مصدر الصوت في الممر. كنت على وشك الكلام قبل أن يقطعني دق آخر أعلى من سابقه. نظرت إليّ المرأة بتردد، ثم تقدّمت نحوي.

قالت بهدوء "يجب أنت ترحل"، وهي تحاول أن تتجاهل الدق التي ظل يتكرر.

حاولت أن أخبرها أنني لم أنتهي بعد، لكنها أصرّت وأمرتني بالخروج. كانت نظرات القلق واضحة عليها فأطعت أمرها وجمعت أشيائي. مررنا بغرفة الصبي في الممر، ورأيت باب غرفة الطفل وهو يهتز بعنف.

"أرجوك يا أمي. دعيني أخرج. هل يمكنني أخذه الآن؟ أريده يا أمي".

سألتها مصدوما "يا إلهي! هل تحبسين طفلكِ بالداخل؟" لكنها دفعتني نحو بالباب بيدها ذات الإصبعين المقطوعين. استدرت نحوها لأجدها تخرج سكينا أخفته وراء ظهرها. التقت عيناي المدهوشتين بعينيها المجنونتين.

"إن تقدمت خطوة واحدة مني فلن أتردد بإيذائك. فعلتها سابقا، بل وفعلتها عدة مرات. لقد قتلتُ الكثير من الرجال، لكنني أقوم بعملي فحسب. أليست وظيفة الأم هي حماية أطفالها؟".

وقفتُ مكاني وقدماي جامدتان كأنهما ملصقتان بالصمغ ولا أعرف بما أردّ.

"أليس هذا صحيحا؟" صرخَت فجأة وجعلتني أجفل وأقفز من مكاني. توقّف اهتزاز الباب وعادت أصوات الدق العالية. ذاك الفتى يحاول مرارًا أن يضرب الباب بجسده.

"اسمعيني. علينا فقط أن نهدأ ونتحدث بالأمر. ضعي السكين جانبا و—"

"كلا! ليس بعد الآن. يجب أن ينتهي الأمر. ضحيت بما فيه الكفاية. أنا متعبة". ثم استدارت نحو الممر. في تلك اللحظة، كنت قادرا على التغلب عليها ونزع سلاحها، ولكن شيئا بداخلي أمرني أن أهرب وأبلغ الشرطة. رأيتها تتكلم مع الباب "آسفة يا عزيزي. فعلت ما بوسعي، ولكن لم يعد بإمكاني مواصلة الأمر. هذا ليس صائبا". ثم استدارت نحوي وأنزلت سكينها وتوسّلَت إليّ "عُد إلى عائلتك".

هربت من الباب دون تفكير، ولم أهتم بإغلاقه أيضا. نظرت ورائي للمرة الأخيرة ورأيتها تفتح باب الغرفة وقد رفعت سكينها.

"أنا جائع جدا أيتها الغبية". كلام غاضب أرفض أن أصدق أنه صدر من طفل. ثم سمعت أصوات صراخ من الأم والطفل في آن واحد.

قفزت في سيارتي لأقود مسرعا لبضع شوارع قبل أن أدرك أن عليّ الاتصال بالشرطة.

-- -- --

"يا إلهي هل سمعتَ الأخبار؟"

"عن ماذا؟"

"هناك سباك اتصل بالشرطة بعد أن هرب من منزل كان يعمل به، وهو قريب من هنا. وصلت الشرطة لتجد جثة امرأة في غرفة المعيشة. كانت مشوهة. وكأن شيئا قام بمضغها. كان وجهها مشوها وبطنها مفتوحة وتم نزع أحشائها. بحثوا في المنزل ووجدوا غرفة بها جثث متحللة، وكانت جميعها بنفس حالة جثة المرأة. أغلبهم كانوا سباكين وكهربائيين وغيرهم. كما وجدوا سلسلة مقطوعة قرب هذه الجثث. يبدو أن شيئا كان مربوطا بالداخل".

"يا إلهي. لهذا لن أجلب كلبا".

"كلا. هذا لم يكن كلبا. فحصوا جثة المرأة بما أنها كانت الأحدث بين الجثث، حيث ماتت قبل قدومهم بقليل. وجدوا علامات عض عليها، وبدا أنها بشرية، لكنها كانت صغيرة ولا يبدوا أنها تخص بالغا".

"هل تقصد القول... كلا! مستحيل. هذا سيئ".

"اكتشفوا أن لديها ولدا صغيرا. لكنهم لم يجدوا له أثرا".

 

القصة: Mommy, Can I?

https://www.creepypasta.com/mommy-can-i

ترجمة: Mr. Beshebbu

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق