"أشكرك على حضورك بهذه السرعة"،
قالت المرأة وهي تفتح الباب
"لا مشكلة يا سيدتي، فهذا عملي. ماذا يسعني أن
أفعل لكِ؟" أجبتُها
بابتسامة.
"هناك مشكلتي في
مغسلتي. حاولت إصلاحها بنفسي ولم أنجح. ادخل وسأريك الطريق"، وأشارت بيدها
لأتبعها. ابتسمتُ لها وأنا أستعد لأن أؤدي عملي كالمعتاد. قادتني إلى غرفة
المعيشة. ثم أضافت "ابني نائم في غرفته، هلا حافظت على هدوئك؟"
"بالتأكيد، سأفعل ما
بوسعي". لاحظت أنها فقدت إصبعين في إحدى يديها. لم أرغب أن أكون وقحا فلم
أذكر الأمر.
"أقدّرُ لك هذا. هل
ترغب بشراب بارد؟ ربما صودا أو ماء".
"الماء يناسبني.
شكرا".
"حسنا، سأعود إليك.
اجلس وارتح". انطلقَت نحو المطبخ ولكنها كانت تتحدث في الممر. لم يسعني إلا
أن ألاحظ مدى شحوبها وهزالها. تلك المرأة المسكينة لن تملك فرصة للنجاة إذا دخل أي
لص أو سفاح إلى بيتها. لاحظتُ أيضا أن بيتها جميل.
أدرتُ رأسي نحو الممر
وتنفستُ بعمق. لاحظتُ وجود رائحة غريبة، أيا كانت فلم تعجبني. لاحظتُ أيضا أن
السيدة ربما حاولت إخفاءها بكمية كبيرة من معطر الجو.
كنت أستعد لأنهض ثم أتت
السيدة مع كوب من الماء. وضعَت الكوب برفق على طاولة زجاجية، ورأيتُ وجود كدمة
صغيرة على ساعدها. سألتها "هل ذراعكِ بخير يا سيدتي؟ لاحظتٌ وجودـ..."
"أنا بخير"،
قاطعتني وضمّت ذراعها إلى صدرها، "هل تريد أن تفحص المغسلة الآن؟" تبعتُها
إلى المطبخ. مشينا قرب الممر وسمعت صوتا يشبه الحك من الغرفة الأولى على اليسار.
كما رأيت ظلّين عند أسفل الباب.
ثم أتى صوت طفل من خلف
الباب "أمي، هل يمكنني أخذه؟"
توقفت المرأة بنظرة دهشة
حاولت تخفيها بابتسامة. ردّت عليه "عد إلى النوم يا عزيزي" بنبرة باردة
لم تتوافق مع الابتسامة على وجهها.
ظل ابنها (كما أظن) يترجاها "هل يمكنني أخذه يا أمي؟ أعدكِ أنني سأكون
طيّبا هذه المرة. أرجوك".
قلتُ لها "أظن أن ابنكِ بحاجة لشيء ما يا سيدتي".