الخميس، 31 أكتوبر 2024

سلندر

 

ها هو مجددا! ما هذا الشيء؟! لا يمكنني التحمل أكثر. وكأنني أراه في كل مكان تطأه قدماي. هذا المخلوق الرهيب والطويل والنحيف عديم الوجه. ظل يطارد أحلامي مذ رأيته أول مرة. كل ما يفعله هو الوقوف مكانه ومراقبتي. لا يمكنني التخلص من هذا الشعور المستمر بالمراقبة، وكأنني لا أبقى وحدي أبدًا. أنا أكره ذلك. لا أقدر على النوم أو الخروج، ولا أن أستمر بالحياة كشخص طبيعي... إنه دائما هناك.

بحثت كثيرا حوله عبر الإنترنت في اليومين الماضيين عما يشبه وصفه. كل ما أذكره هو رجل طويل ونحيف بشكل مستحيل. أقول مستحيل لأنه لا يوجد إنسان بهذا الطول. بذلت قصارى جهدي لأتذكر وجهه، عله يساعدني في تضييق نطاق البحث، لكن لم يكن له وجه. لا أتذكر أننس رأيت وجه هذا الشيء. كان دائما مغبشا. لكن رغم ذلك، كلما أنظر إليه يصيبني القلق. عندما أراه في مكان أسير في الاتجاه الآخر. وإذا رأيته في كابوسًا، فأستيقظ دائمًا قبل أن أدقق بوجهه. زودني البحث بشيء يسمى "سلندرمان". ما هذا الشيء؟ أهذا المخلوق الأسطوري هو ما يطاردني؟ كلا، لا يمكن هذا. أرفض تصديق الأمر.

لم أغادر منزلي منذ يومين. بقيت أقرأ كل القصص والروايات عن سلندرمان. يكفي القول أن النوم استعصى عليّ طوال هذه المدة. لا شيء يسير بشكل طبيعي. أعتقد أنني أغضبته لأنني لم أسمح ل بدخول أحلامي. أحيانا أسمع طرقًا على النوافذ وصريرًا على ألواح الأرضية وأنا مستلق على السرير في وقت متأخر من الليل. أعلم أن الجميع يقول إن المنازل تفعل ذلك بمفردها، لكن هذا مختلف، وكأن هناك ثقلا حفيفا عليها، مثل خطى خفيفة. دائما أبحث ولا أجد شيئا، ولكن عندما أعود إلى غرفتي أشعر دائمًا أن أحدا يراقبني.

الأحد، 20 أكتوبر 2024

رحلة إلى غابة هانتسفيل

 

ذهبت في رحلة للتخييم قبل ثلاثة أسابيع في غابة هانتسفيل الوطنية في تكساس. التقيت أنا وثلاثة أصدقاء من الثانوية في مدينتنا في عطلة نهاية الأسبوع، حيث ذهب كل منا إلى الجامعة ولم نعد نلتقي إلا مرة في السنة. قررنا في هذه الرحلة أن نتوغل عميقا في الغابة ونعيش على الأسماك والحيوانات البرية التي سنصطادها. قمنا بهذا من قبل في تكساس وعدة ولايات أخرى، لذا نحن معتادون على أي شيء قد نصادفه هناك.

كان دوري في اختيار مكان التخييم، فاخترت غابة هانتسفيل. أوقفنا سيارتنا في موقف المخيم وانطلقنا مشيا نحو الغابة. كنا نضحك على طول الطريق ونتحادث بما فاتنا عن حياتنا بعيدا عن بعضنا البعض. مشينا حتى حل الظلام وخيّمنا حيث توقّفنا. جمعنا الخشب لإشعال النار ونصبنا خيمتنا. ثم قمنا بما نقوم به دائما: نحاول إخافة بعضنا بالقصص الغريبة.

في حوالي هذا الوقت، بدأنا نشم شيئا. كانت الرائحة ملحوظة ولكنها باهتة. لم نحدد بالضبط ما هي، فلم نهتم بها وواصلنا يومنا. أراد مايك أن يتبوّل فدخل إلى الغابة. عاد بعد ثانية وهو يجري وقد لوّث سرواله.

بادرناه برمي النكات والضحكات عليه. ثمّ لاحظنا أن وجهه كان أبيض كالثلج ويحاول التقاط أنفاسه. بدأ بالصراخ علينا لنتبعه ثم هرب.

غلب علينا الجد وتبعناه ونحن لا نعرف ما المشكلة. سمعنا صياحا وبكاء خافتا من بعيد في ذاك الاتجاه حيث انطلق مايك. كان الظلام حالكا وكان مايك الوحيد بيننا الذي يحمل كشافا، ذلك أننا تركنا مصابيحنا في المعسكر. لم يكن لدينا خيار سوى اتباع الضوء الذي يتطاير شعاعه هنا وهناك وهو يحمله بيده المرتعدة.

الأربعاء، 9 أكتوبر 2024

لا يمكنني نسيانه

 

ذاك الشيء الطويل الذي يشبه الإنسان يتحرك بين الأشجار الكثيفة بلا أي مجهود كما لو أنه يطفو. لم يصدر منه أي صوت، والحركة الوحيدة التي ظهرت منه هي اندفاعه للأمام. كانا رشيقا ومرعبا في ذات الوقت. أنظر إليه وهو ينساب بهدوء فوق بحيرة متجمدة ويعود إلى الغابة.

حاولت أن أميّز ملامح وجهه ولم أقدر. ربما بسبب الضباب أو لقلة تركيزي، ولكنني ارتحت لأنني لم أر وجهه. أنا متأكد أن وجهه مرعب مثل تلك اللوامس (أو أيا كانت) التي تخرج من ظهره. تجمدت مكاني عندما اقتربت منه. ما الذي يجعلني أقترب من هذا الشيء أصلا؟ ما زلت لا أعرف. لكن هناك شيء به يجذبني رغم ذلك ويجعلني أرغب بالقدوم إليه.

بدأ قلبي يدقّ بسرعة، لكن ساقي كانتا تتحركان بخطى أسرع وأنا أطارد الشيء. استدار عند منعطف ولحقته، لكنني توقفت على الفور عندما رأيته يتوقف.

وجد أمامه فتاة صغيرة تبلغ التاسعة من العمر. كانت تحدق به في رعب، وكنت أخشى على حياتي وحياتها. حاولت أن ألوّح بيدي لها دون جدوى. بدت مذهولة بمظهر المخلوق كما حدث معي. وقفت هي ببطء، أما أنا فتراجعت وزحفت خلف شجيرة. لم أقدر على رفع بصري أو الحركة.