الخميس، 20 أغسطس 2020

عن الوقت والحياة

 

أعذروني على خطّي السيئ، ولكني أكتب هذه الكلمات وأنا أتحرّك.

 لم نقصد أن يحدث الأمر بهذه الطريقة. خلاصة القول أننا ارتكبنا خطأ، ولكن لا عودة منه الآن. لقد تحولت الأيام، إذا أمكن أن أسميها هكذا، إلى شيء لا معنى له في حياة أصبحت بعيدة عن منالنا. حسنا، بعيدة عن منالي. فقد رحل الآخرون وتركوني وحيدا في هذا الجحيم.

 بالتأكيد لم تبدو هذه فكرة جيدة، ولكننا خرجنا بدافع الفضول لنستكشف النور القادم من الغابة وراء المجمع السكني. جعلني الفضول أتبعهم لأقترب من شيء ساطع بما يكفي ليعمينا وسط النهار. غرس الفضول بداخلي الرغبة لأمدّ يدي وألمسه، ولكن بحرص شديد.

 

 بدأ هذا الشيء، أيا كان، يدور أسرع وأسرع ... وبعد ذلك، توقف كل شيء عن الحركة. وعندما أقول كل شيء، فأنا أعني كل شيء. لم يتحرك شيء. لم يزقزق أي عصفور، لم تتحرك أوراق الشجر، ولم أسمع صوت الرياح وهي تمرّ من بين الأشجار. كان كل شيء خياليا. ظننا لثانية أننا قتلنا الغابة، ولكن سرعان ما استبعدنا هذا عندما رأينا سنجابين يحومان في الجو، ويظهر أنهما قفزا لتوّهما من جذع شجرة. لقد توقف الزمن. كنا جميعنا أذكياء إلى حد ما، لذلك لم يكن من الصعب فهم الأمر.

 كان الأمر ممتعا في البداية ونحن نجري ونضحك، ونصافح الناس الذين رفعوا أيديهم لسيارات الأجرة، وإلى حد ما أحسسنا أننا لا نقهر. كما لو أنه حلم تحول حقيقة، وكنا نستمتع بكل جزء منه. ولكن لم يدم هذا إلا ربع ساعة فقط، ذلك أننا بدأنا نموت بعدها. كان شون هو أول من مات؛ وكان في مؤخرة الفريق، لذلك كل ما سمعناه كان صوت ارتطام خافت، ووجدناه على الأرض شاحبا وساكنا. ما إن فهمنا ما حدث، حتى حان الدور على كاتي لتموت أيضا. كان السرّ في الهواء. لم يكن يتحرك.

 تماما مثل أوراق الشجر في الغابة، فإن جزيئات الهواء لم تتحرّك. والسبب الوحيد الذي جعلنا على قيد الحياة هو أننا كنا نتحرك باستمرار، فكنا بهذا ندفع الأوكسجين النقي داخل أنوفنا دون قصد. توقف شون لبضع ثوان فقط، فأغمي عليه ومات. أما كاتي فقد دخلت في الفراغ الذي خلفه سير المجموعة لكي تطمئن على شون، فحدث لها الشيء نفسه. أصبنا بالذعر، وانطلقنا نجري في الشارع خوفا على حياتنا.

 بقي فقط ثلاثة منا، جيسون، آشلي، وأنا. ظل جيسون يقول أن الاختناق لا يمكن أن يحدث بهذه السرعة، أما آشلي كانت تبكي. لم أكن أعرف بما يجب أن أفكر.

 واصلنا التحرك، ولم نكن نمشي في اتجاه محدد، ولكننا كنا آمنين طالما أننا نتحرك. لم يكن بإمكاننا معرفة كم قضينا من الوقت، ولكن لا بد أننا بقينا تائهين لأكثر من عشر ساعات. بطريقة ما تمكنا من الوصول إلى أحد أحواض السفن عند شاطئ المدينة. خرج الرصيف عن الشاطئ لعدة أمتار، ولم أفكر حتى بعواقب نفاد الهواء وأنا هناك. ربما لو فكرت بالأمر، لربّما أمكننا النجاة. ولكن اللعنة حلت علينا منذ البداية.

 قاد جيسون الطريق ويداه في جيبه، ولكننا توقفنا جميعا عندما سمعنا صوت قرقعة عالي. أراد أن يفتح فمه ليتكلم، ولكن قطعة اللوح المتهرئة انهارت تحت ضغط وزنه. كان يجب أن يغطس في الماء ثم يسبح إلى الشاطئ. لم نفكر في مدى خطورة هذا الوضع. كم كنا أغبياء بذهابنا إلى ذاك الرصيف. لقد تغيرت قوانين اللعبة في هذا العالم الغريب، حيث شاهدنا المياه وهي تتشكل بفعل جسده، لتكون حفرة عميقة في موقع سقوطه. كان يقع بسرعة كما ولو أنه كان يقع في الهواء. أسرعنا بعيدا عائدين إلى الشاطئ، وسمعنا صرخاته وهو ينزل. كنا قد ابتعدنا خمسين قدما عن الحفرة عندما توقف جيسون عن الصراخ.

 جاء الدور على آشلي بعد ذلك بقليل، ولكن من سخرية القدر أن الهلع هو ما قتلها، فقد تعثرت على السلالم قرب الشاطئ وكسرت رقبتها. لم يكن لدي الوقت لأتوقف وأبكي عليهم. لم يكن لدي الوقت لأقوم بأي شيء. لم يكن بوسعي سوى أن أواصل الحركة.

 بدأت أمشي في الشارع الثالث، وأتطلع في وجوه الناس والذين تجمدوا على كراسيهم في المطاعم، ويركبون الدراجات التي لا تتحرك، ويمشون ليقابلوا أصدقاءهم. كم كرهتهم. كانوا يجهلون كل ما يحدث لنا. أردت أن أتوقف وأصرخ عليهم، أردت أن أبكي وأتوسل لكي يساعدوني، أردت أن ألتف على نفسي وأدعو الله أن أستيقظ ولأجد أن هذا مجرد كابوس وسأنساه بسرعة. لكني لم أفعل أي من هذا، بل واصلت المشي. لا بدّ أنني مشيت لعدة ساعات، فقد قطعت عدة أميال على الطريق السريع.

 كنت أرغب في التوقف ومواجهة الموت وأن أدعه يأخذني. ولكني لم أفعل. أردت أن أعود إلى الماء وأخوض فيه حتى لا يعود بإمكاني الرؤية أو التنفس. ولكني لم أفعل. لم أفعل أي شيء سوى المشي.

 هذا هو مكاني الآن، وربما قضيت أياما وأنا أمشي بآخر ما تبقى من طاقتي وكل عضلاتي المرهقة تتوسل إليّ لأتوقف. لو توقفت للراحة أو النوم سأموت. وأنا أعلم الآن أنه لا مخرج لي من هنا. بعد البحث عن مخرج طوال هذا الوقت لم يعد لي أي أمل في العودة إلى حياتي الحقيقية مرة أخرى.

 لم أتخذ قراري بعد بشأن ما إذا كنت سأنهي الأمر بنفسي، ولكن النهاية لن تكون بعيدة بأي حال. فقط لو كنت أملك المزيد من الوقت ...

 

القصة: Of time and Life

الكاتب الأصلي: JBrad

http://www.creepypasta.org/creepypasta/of-time-and-life

ترجمة Mr. Beshebbu

هناك تعليق واحد:

  1. نايتمر فريدي14 يونيو 2022 في 1:15 م

    هذا شيء يجعلني افكر...
    ان قوة ايقاف زمن قد تكون خطيرة...

    ردحذف