لم نكن دائما موجودين هنا، ولكن هذا الحي كان موجودا. كان هنا حتى قبل أن تظهر الأحياء السكنية على الأرض. ظل هنا من أجل من ضاعوا على هذه الأرض الملعونة، ومن ماتوا حتى قبل أن تبدأ حياتهم، ومن لم يرغبوا أن يكبروا أبدا.
أتينا من أزمان مختلفة، وكذلك حيوات مختلفة، ولكن هناك شيء ظل ثابتا معنا كلنا: جميعنا عشنا في هذا الحي في فترة من حياتنا ومتنا قبل أن تحين ساعتنا. لا نتذكر الكثير من حياتنا في آخر الشارع منذ أن وصل إلينا آخر رفيق، وبالتأكيد لن ننذكر حين تأتي الروح التالية، ولكن هذا ما نعرفه:
كان رولف أول من قدم. وخلافا لأغلبنا، فقد ولد في أرض بعيدة ولم ينسى حياته في عالمه القديم. كان يعيش في الحي قبل أن يتطور. كان أبوه راعي غنم، ونشأت عائلته في مزرعة في المكان الذي سنعيش فيه جميعا. مات في عام 1903 بينما كان يرعى الحيوانات، حيث انطلق ثور وحطم زريبته. حاول رولف أن يوقفه ومات دهسا تحت حوافره.
ولهذا السبب عندما أحضر أرواح الحيوانات الأخرى معه لم يُحضِر معه الماشية. لا يزال يقوم بأعمال المزرعة كل يوم، ولكنه قد يتركها بين الحين والآخر ليلعب مع أطفال الحي.
كان جوني طفلا وحيدا. في الواقع كان رولف صديقه الأول عندما حضر إلى آخر الشارع بعد موته. انتقل والداه إلى الأرض حيث مزرعة رولف بعد زمن قصير من موت الأخير. لم يكن هناك أطفال آخرون يلعبون معه أو عمل يشغله مثل رولف، فاعتمد جوني على خياله دائما، ومن هذا وُلِد اللوح.
تجول كلاهما في الريف وتسلقا الأشجار وغير ذلك من المغامرات التي أداها كل منهما وحيدا. لكن للأسف هذا لم يستمر لأن جوني أصبح مريضا وبقي طريح الفراش، ومات في عام 1922 بعد صراع طويل مع السل. كان يضع صديقه اللوح بجواره حتى رمقه الأخير. حتى الآن في الحياة الأخرى، حيث لا يوجد ريف يلعب فيه، لا يزال جوني يضيع معظم وقته في اللعب بين الشوارع والساحات.
إدي كان التالي. ولد في مدينة نيويورك، لكنه انتقل إلى الحي في عام 1932، حيث وصل الكساد الكبير لأقصى شدّته. كان الحي مختلفا، لكنه بدأ يأخذ شكله بعد قدوم العائلات واقتطاعها الأرض التي كانت في يوم ما ملك عائلة رولف. كان إدي بحب الخطط والدسائس، وكان يفعل أي شيء ليجلب أي قدر من الرفاهية لعائلته المحتاجة حتى ولو كلفه هذا صداقات الآخرين. مات إدي عام 1939 بعد ارتدّت عليه إحدى خططه ليحتال على أحد المغفلين. غرق وهو يحاول عبور أحد الأنهار هربا من فتى غاضب حاول خداعه. حتى في الحياة الأخرى، فلا يزال يسعى وراء المال.
حضر إد وسارا بعد وقت قصير من ذلك. بحلول نهاية الأربعينات، أخذ آخر الشارع شكله الحالي بعد التطويرات العمرانية التي رافقت نهاية الحرب. كانا أخوة ونشآ معا في خضم الحرب العالمية الثانية وكلاهما كانت لديه سبل ليهرب من الواقع بعد موت أبيهما الجندي في الحرب واضطرار أمهما للعمل. أصبحت سارا هائجة ومتسلطة وأرادت أن يعلم الجميع أنها المتحكمة، وذلك لأنها تقلد حياة أمها المليئة بالعجلة والحركة. أما إد فقد اتخذ مسارا آخر.
كان يقفل نفسه على جميع الناس ولا يبوح بما في داخله لأحد، وبهذا ظهر للجميع على أنه أحمق. اختار إد أن يندمج في عالم أفلام الوحوش والقصص المصورة التي ازدهرت بعد الحرب. مات إد وسارا في حادث سيارة في عام 1953، عندما أرادت أمهما أن توصلهما لبيت جديهما.
أتت ناز بعدهما بزمن قصير. كانت ناز من أبناء الهيبيز الذين رجعوا للحياة العادية في نهاية الستينات. كانت فتاة جميلة وتلعب مع الصبيان والرجال. كانت تعيش الحياة على هواها وكانت تلعب مع الجميع وتلاطفهم دون أي نية سيئة. كانت ميتتها أشنع من باقي أطفال الحي. في صيف عام 1979، هرب سفاح من مصح نفسي وتسلل إلى منزلها في الليل واغتصبها وقتلها مع جميع أفراد عائلتها.
وبسبب هذه الأحداث المروعة، كانت منغلقة على نفسها مثل إد، وكانت تنسى والديها وأخوتها، ولهذا لا تتلقى أي أوامر من والديها مثل الآخرين، لأنهما غير موجودين في العالم الآخر. هذا يمنحها وقت فراغ كبير يكفيها للاسترخاء والاحتفال كما تشاء.
لم يمض وقت طويل حتى انضم إليهم إدد (أو إد بدالين). كان أبواه موظفين مرتاحان ماليا في عصر الجشع، وكانا متسلطين ويتحكمان بحياته رغم غيابهما الدائم. وبهذا أصبح مثقفا وذا شخصية وديعة وخجولة، وكان فضوليا دائما ويحب التجارب في وقت فراغه الضئيل خارج المدرسة والمهام المنزلية الكثيرة. هذا ما أودى بحتفه في عام 1986، حيث كان يلعب بموقد في إحدى تجاربه ولم ينتبه لتسرب الغاز فتناثر هو ومنزله إلى أشلاء. وبما أن شخصيته خجولة وخاضعة، فإنه لا يزال يتبع أوامر والديه حتى بعد وفاته.
كان كيفن التالي في المجموعة. ولد يوم وفاة إد بدالين، وهو نقيضه في العديد من الأشياء. أتى كيفن من منزل مفكك، وساهم هذا بتكوين شخصيته الجريئة. كان في حياته غاضبا ومتهكما ويفرغ غضبه على الأطفال الآخرين. ولم يكن والده القاسي يعيره الكثير من الاهتمام، وكانت نهاية كيفن على يده. قام والد كيفن بإيساعه ضربا بعد نوبة غضب من أثر السُكْر، وقد حاول كيفن أن يدافع عن نفسه. مات في شتاء عام 1999 وهو في طريقه إلى المستشفى، وقضى الوالد بقية حياته في السجن. غيّر كيفن نظرته للحياة بعد موته، حيث كان والده غائبا ولكنه يمطره بالهدايا، لكنه واصل أساليبه بالتنمر على الآخرين.
كان جيمي هو آخر من قدم إلى نهاية الشارع. مات عام 2000 بعد زمن قصير من انتقاله إلى منزل عائلة كيفن. كان مصابا باللوكيميا منذ نعومة أظفاره، وكان مريضا دائما ولم يلعب مع الأطفال الآخرين بسبب والديه اللذان أفرطا في حمايته. كان يقضي أيامه في غرفة صغيرة دون تواصل مع العالم الخارجي، وبقي لزمن طويل معلقا بين الحياة والموت. وفي النهاية، استسلم لوطأة المرض ومات.
أما الأخوات كانكر فهن مختلفات عن بقية سكان آخر الشارع. لم يعشن في أي عالم دنيوي، بل كن من أطفال العفاريت، أو ربما الشياطين أو الملائكة من حكايات البشر. وهن يملكن قدرات تعتبر مستحيلة بقياسها مع الآخرين، مثل ظهورهن في أي مكان وفي أي لحظة. تم إرسالهن للجحيم ليعذبن أرواح أهل الحي. لكن يظهر أنهن منجذبات لثلاثي إد لسبب ما، ويعتقد ان شخصيتهم هي الأضعف بين أهل الحي، والجميع ينظر إليهن على أنهن هدف سهل للتنمر. مع هذا فإنهن مبغوضات ومهابات من الجميع وبمن فيهم ثلاثي إد.
القصة: Cul-de-Sac
https://creepypasta.fandom.com/wiki/Cul-de-sac
ترجمة: Mr. Beshebbu
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق