السبت، 23 نوفمبر 2024

باربي دوت أفي


حدث معي هذا قبل بضعة أشهر، وأريد فقط أن أشارك ال
قصة مع أحد ما.

بدأ الأمر في حفلة عند أحد الأصدقاء. كان فنانًا وأجّر عليّة في الجانب الصناعي من المدينة. كانت المنطقة عبارة مجموعة من المصانع القديمة التي تعود لبداية القرن العشرين، ومحشورة في نطاق عشر مربعات سكنية. وأغلبها كان مهجورا.

بقينا نحتفل طوال الليل، وقررت أن أرتمي على أريكة في العليّة. استيقظت في الرابعة صباحا والشمس لم تشرق بعد، ولكن أمكنني تمييز الأشكال بفضل نور الفجر الخافت. ذهبت للحمام وأنا أمشي بحذر على أطراف أصابعي حول المحتفلين الذين سقطوا مغشيا عليهم. وقفت بجانب المرحاض ونظرت من نافذة الحمام ورأيت منظر المدينة المتهالكة والمهجورة.

تذكرت كم كنت أحب هذا المكان. كان مظلمًا وخاليًا من الحياة، وكان هادئا للغاية.

عدت إلى الكنبة وقررت العودة للنوم. ولكني بقيت 45 دقيقة وأنا أحدق بالسقف، فرأيت أنني لم أعد بحاجة للنوم، وقررت أن أوقظ صديقتي لتوصلني بسيارتها، إذ أن السير على الأقدام وسط الشوارع الخالية في هذه الساعة لم يكن خيارًا سليمًا. وافقت صديقتي على الأمر، وقالت أنها ستأتي في غضون نصف ساعة وأنها ستتصل بي حالما تقف خارج المبنى. لكن بطارية هاتفي فرغت بعد عشر دقائق، فقررت أن أجلس قرب النافذة وأنتظر قدوم سيارتها. جلست هناك لبرهة قبل أن أحس بثقل في جفوني واستسلمت للنوم.

 

استيقظت على صوت تحطم في الخارج. لم يكن الصوت عاليا، ولكنه كان كافيا ليوقظني. نظرت من خارج النافذة وتفحصت المنطقة، ولكني لم أرى شيئا. نظرت عبر الشوارع من العليّة وقرب جبال القمامة ومكبّات النفاية العملاقة، فوجدت جهاز حاسوب وشاشة محطمة على الأرض، ولم أكن قد لمحته قبل الآن.

وصلت صديقتي فنزلت عبر السلالم. ما إن وصلت للسيارة، حتى تذكرت أن صديقي قد أتلف محول الطاقة في حاسوبه. ذهبت للمكب لأبحث وأرى إن أمكنني استبداله بقطع ذاك الجهاز في النفاية. لم أهتم للشاشة، ولكن لا يبدو أن الجهاز الرئيسي قد تعرض لأضرار، لذلك وضعته في صندوق السيارة وانطلقت مع صديقتي.

مر أسبوع ونسيت أمر الجهاز حتى اتصلت بي صديقتي لتخبرني أنه ما زال في صندوق سيارتها وطلبت مني أن آخذه. جلبت هذا الشيء إلى منزلي في تلك الليلة. وقبل أن أقوم بتفكيكه قررت أن أوصله بشاشتي لأعرف ما إذا كان يعمل، ولدهشتي فما زال صالحا. كان الجهاز يعمل على ويندوز إكس بي وتم محو ذاكرة الجهاز تماما. قرّرت البحث داخل الجهاز علّي أجد أي مواد إباحية نسي المالك السابق أن يحذفها. لم يسفر بحثي عن شيء. بحثت في ملفات الصور وكان خاليا. ثم بحثت عن الأفلام وظهر لي ملف واحد. كان عنوانه "Barbie.avi" ومخبأ في الدليل WINDOWS/SYSTEM32.

قمت بتشغيل الفيلم، وهنا بدأت الأمور تأخذ منحى مزعجًا.

كان طول الفيلم ساعة تقريبا، وبدا أنه يتكون من لقطات تم تحويلها من برنامج آخر. تظهر فيه امرأة جالسة على كرسي وتتحدث أمام خلفية بيضاء. كنت أتخطى أحداث الفيلم فأجد نفس اللقطة. ثم قررت أن أتابع الفيلم لأعرف ما تتحدث عنه. بعد خمس عشرة ثانية من البداية ساءت حالة الصوت واختفي كلامها وسط التشويش. لم يكن بمقدوري سماع أي شيء.

قمت بتحويل اللقطات في نسخة أخرى، علّي أتمكن من التلاعب بقياسات الفيديو وأعزل صوتها. ساعدني الأمر قليلا، ولكن ما زلت لا أسمع ما تقوله. بدأت أولي اهتماما خاصا بوجهها ولغة جسدها. ويبدو أن أحدا ما يسألها عددا من الأسئلة، ذلك أنها تتوقف من حين لآخر للاستماع، وثم تواصل الحديث.

بعد حوالي ربع ساعة من الفيديو، بدأ وجهها يحمرّ ويتلوى كما لو أن الأسئلة كانت تزعجها، ولكنها استمرت بالرد عليها. ثم بدأت بالبكاء بعد فترة وجيزة. ثم انخرطت في بكاء مجنون لما تبقى من الفيلم. إحدى الكلمات القليلة التي أمكنني قراءتها على شفتيها كانت "جلد". وكررت هذه الكلمة عدة مرات خلال الفيديو وحتى أنها في إحدى المرات قامت بشدّ جلد ذراعها. ويبدو أنها غير سعيدة ببشرتها.

هناك الكثير مما أريد أن أرويه، ولكن الوقت متأخر، ولا يمكنني الاستمرار. وسوف أشارك بقية الكلام غدا.

- - - - -

ظللت أتابع الفيديو، وبعد حوالي 40 دقيقة كان الفتاة تبكي بحرقة وبالكاد وكانت تنظر إلى الكاميرا. توقفت الفتاة عن الكلام عند هذه النقطة، وظلت لبقية الفيديو تبكي وتطأطئ رأسها فقط. الغريب أيضا أنها لم تقف أو تتحرك، ثم تلاشت الشاشة وتحولت إلى اللون الأسود.

كنت مدهوشا.

شاهدت الفيديو بأكمله عدة مرات في تلك الليلة في محاولة لأجد أي تغيّر في الصوت أو أي فرق دقيق في حركتها، عساي أفهم أي شيء حول ما يجري. لم أشعر بالرضا وأردت أن أعرف المزيد. وهنا لاحظت أن هناك حوالي عشر دقائق إضافية لم أنتبه لها بعد أن تصبح الشاشة سوداء، وبها حوالي دقيقتين إضافيتين من اللقطات.

باقي اللقطات كانت مهزوزة وبالكاد أمكنني استبيان ما فيها، وأظهرت ساقين تمشيان على خط سكة حديد. في اعتقادي أن شخصا كان بحمل كاميرا معه إلى مكان ما وتركها تعمل دون قصد. يمشي هذا الشخص على مسار السكة لست دقائق ثم يستدير إلى الغابة ويمشي على ما يشبه أوراق الشجر فوق قطعة من الخشب الرقائقي، ويستمر بالمشي على هذا الطريق الخشبي حتى ينتهي المقطع.

الآن بدأ قلبي يخفق لأن هناك سكة حديد على بعد بضعة أميال، وبدت مشابهة تماما لتلك التي في الفيديو. كان عليّ التحقّق من ذلك.

دعوت صديقي ليذهب معي. كان طوله 193 سم ووزنه 113 كج، ومعظمه وزنه من العضلات. أقنعته للذهاب معي في مغامرة صغيرة. لم أكن جبانا، ولكني شعرت أنه إن كنت سأذهب للغابة لأبحث عن شيء لا يعلمه إلا الله، فلن يضرني أن أستعين بمزيد من العضلات. وكانت فكرة التحقيق بأمر الفيديو تشغل بالي لدرجة أنني لم أستطع النوم.

في الصباح التالي من يوم سبت مشمس، أخذت مصباحا يدويا وسكين صيد وكاميرا، وذهبت لأخذ صديقي معي. عندما وصلت إلى منزله وجدته نائما. وعندما أيقظته أمرني أن أبتعد عنه. كنت قد جمعت أغراضي مسبقا، وأعددت نفسي لهذه المهمة، لذلك قررت أن أذهب بدونه. أوقفت سيارتي في محطة القطار، ثم أخذت أشيائي وانطلقت إلى السكة.

بعد أن سرت لمدة ساعتين تقريبا، رأيت قطعة مكسورة من الخشب الرقائقي فملأني هذا بالإثارة. بحثت في أوراق الشجر القريبة، ووجدت ضالتي: درب من الخشب الرقائقي يؤدي إلى الغابة.

مشيت ببطء على الطريق، وأوليت اهتماما شديدا لكل شيء. كنت أتوقف من حين لآخر وأجثو على ركبتي، لعلّي أسمع أي شيء أو أي شخص، ولكن الهدوء كان يعمّ المكان. لم أقم في حياتي بشيء أرهق أعصابي كما يحدث الآن. لم أكن أعرف ما ينتظرني في نهاية هذا الطريق.

قادني خط الأشجار الكثيفة إلى بقعة خالية من الشجر، ثم رأيت أمامي منزلا وسط هذه الغابة. يبدو من منظره أن أحدا لم يعش هناك منذ عشرين عاما، أو حتى ثلاثين. أخذت الكاميرا لألتقط بضعة صور. وعلى بعد بضعة أمتار عن المنزل وجدت سقيفة مبنية من الصفيح المعدني الصدئ. جلست هناك بين الأشجار لفترة من الوقت وأنا أحاول أن أستوعب المكان.

لم أرد أن أدخل مكانا مفتوحا، إذ راودني شعور سيئ أن شيئا ما سيراني.

استغرق الأمر مني وقتا لأستجمع شجاعتي وأصل إلى المنزل. كان الباب نصف مفتوح. ودخلت ومصباحي في يدي، ثم ارتحت لأن المكان بالداخل كان جيد الإضاءة. وضعت المصباح جانبا والتقطت مزيدا من الصور. لم يكن هناك أثاث. أما الأرضية فملأها الطوب والخشب والركام، أما الجدران فملأتها الثقوب الضخمة. واصلت عملية الاستكشاف، ورأيت أشياء لم أهتم لها كثيرا في تلك اللحظة، ولكن عندما أفكر بها الآن فإنها تخيفني.

أول شيء بدا لي غريبا هو أن أحد الأبواب في الغرفة الأولى، والذي افترضت أنه يؤدى إلى الطابق السفلي، بدا جديدا وأفضل حالا من باقي البيت. وأيضا كان الباب الوحيد في المنزل الذي كان مغلقا. كذلك، عندما صعدت إلى الطابق الثاني، ورأيت بعض الكراسي وطاولة من النوع الذي يُطوى وبدت جديدة أيضا مقارنة بباقي البيت. ولكن لسبب ما، فأكثر ما أزعجني كان الحمام. تم مسح الغبار عن المرآة، كما رأيت غطاء بلاستيكيا شفافا على حوض الاستحمام ولا تزال عليه قطرات الماء من حين تم غسله (كما أعتقد). عندها سمعت صوت أنين عالٍ، فقفزت من نافذة الدور الثاني وعدت مسرعا إلى السكة.

في منتصف الطريق أدركت أن الأنين كان سببه على الأرجح تمدد أو انكماش أنابيب المياه، ثم تبعت لحظة الراحة هذه لحظة من الرعب عندما تساءلت كيف تجري المياه في منزل مهجور في وسط الغابة.

مرّ أكثر من شهرين تقريبا منذ أن حدث هذا، ولم أعد إلى هناك ولا أخطط أن أفعل.

 

القصة: Barbie.avi

https://creepypasta.fandom.com/wiki/Barbie.avi

ترجمة: Mr. Beshebbu

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق