كان هنري المجنون رجلا وحيدا يعيش بمفرده في قصر متهالك على أطراف المدينة. انتشرت شائعات حول هذا الرجل الغريب. فمنهم من قال أنه ساحر يسخّر قوى الظلام ليجلب الخراب على جيرانه، وآخرون قالوا أنه طبيب مجنون بمقدوره أن يعيد الحياة إلى الجثث المتعفنة. لا يتعامل معه أي مواطن محترم في المدينة.
ثم حدث في إحدى الأعوام أن انتقلت عائلة جديدة إلى المدينة ومعهم فتاة جميلة تدعى راشيل. جذبت الفتاة انتباه هنري المجنون، وأغدق عليها هدايا نفيسة؛ أكواب من الذهب الخالص، وقلائد من اللؤلؤ، وأصيص به زهور الأقحوان. ولكن رغم هذه الهدايا، وقعت راشيل في حب شخص آخر يدعى جيفري، وهو شاب وسيم عاد للمدينة من الجامعة. قرر الاثنان أن يتزوجا بعد أسبوع واحد من لقائهما، وتركا هنري المجنون في ذهول.
أقام الزوجان حفلة كبيرة وقاما بدعوة كل من في المدينة. كانت راشيل ترقص مع والدها وسمعت صوت الرعد. وفجأة، انفتحت الأبواب وانساب نسيم حاملاً معه رائحة الموت والعفن. كان هنري المجنون يقف في المدخل وعيناه تتقدان غضبا. تبعه ما بدا أنهم أناس موتى وتقدموا إلى الداخل اثنين باثنين. لمعت محاجر عيونهم بنار زرقاء وهم يطوقون الغرفة.
قبضت جثتان على جيفري وألقوا به عند أقدام سيدهم. نظر إليه هنري المجنون بعينين حمراوين، وأخرج سكينًا ذا نصل فضي وحزّ عنق العريس من الأذن للأذن. صرخت راشيل وهرعت إلى حبيبها وأبعدت عنه الجثث الكريهة وألقت بنفسها على زوجها المحتضر.
صرخت بيأس: "اقتلنا نحن الاثنين".
لكن هنري المجنون جذب الفتاة من بركة الدم التي خلفها زوجها الميت وحملها إلى ظلام الليل. استدار جيش الموتى ليتبعوا سيدهم. تلاشت أصوات الرعد بعد أن اختفى الخيميائي ورفاقه الموتى في جنح الليل.
جمع والد جيفري ووالد راشيل حشدًا صغيرًا وتبعوا الرجل الشرير وهم عازمون على إنقاذ راشيل. فتشوا منزل هنري ووجدوه فارغا تمامًا إلا من ضوء يصدر من بضع كرات غامضة تتمايل عند سقف كل غرفة. أما هنري المجنون فقد اختفى.
جابت فرق البحث أنحاء الريف لأيام ولم تجد شيئًا. ودُفن جيفري في المقبرة وهُدمت قاعة الرقص. لم يتحدث أحد في المدينة عما حدث، ولم يجرؤ أحد على تخيل ما حدث لراشيل المسكينة.
بعد مرور عام على الحفلة، سمع والدا راشيل طرقة خجولة على باب منزلهما. فتح والدها الباب ورأى جسدا رماديا هزيلا على الشرفة. كانت عيناها باهتتان من الإنهاك والألم. كانت راشيل! قُطع لسانها حتى لا تتكلم. لكنها أخرجت سكينًا من ثيابها الممزقة. تلك السكين ذات النصل الفضي والتي رأوها في يد هنري المجنون. عرفوا من بريق الرضا في عيني راشيل أن الدم الذي لطخ السكين هو دم هنري.
ماتت راشيل أثناء نومها في تلك الليلة وقد علت وجهها الكئيب ابتسامة هادئة.
https://americanfolklore.net/folklore/2009/08/black_magic.html
ترجمة: Mr. Beshebbu
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق