الاثنين، 19 أكتوبر 2020

ملف مورويند الغامض

 


يذكر بعض اللاعبين ضجة حدثت قبل عدة سنوات حول ملف معدل (mod) في لعبة مورويند من سلسلة إلدر سكرولز. هذا الملف اسمه jvk1166z.esp. لم يتم نشر هذا الملف على منتديات إلدر سكرولز الرئيسية، بل على المنتديات الأصغر ومجموعات ألعاب تقمص الأدوار. وفي بعض الحالات تم إرساله عبر البريد الإلكتروني لمجموعة عشوائية. لكن الضجة لم تستمر إلا لبضعة أيام.

ما سبّب هذه الضجة هو أن هذا الملف كان فيروسا، أو أنه بدا كذلك. إن شغلت اللعبة باستخدام هذا الملف، فإن اللعبة ستتجمد لساعة كاملة قبل أن تُغلق نفسها. بعد هذا ستتعطل لعبة مورويند المخزنة على جهازك، وتفسد معها ملفات التخزين الخاصة بك. لم يعرف أحد خاصية ذاك الملف وحذروا من استخدامه. وبهذا اختفى الشيء بسرعة كما ظهر.

بعد حوالي سنة من هذا، قام أحدهم بنشر الملف في منتدى الألعاب الذي كنت أتردّد عليه. قال أن مستخدما أرسل إليه الملف وأقفل حسابه على المنتدى بعد ذلك على الفور. قال أيضا أن ذاك المستخدم نصحه بتشغيل اللعبة عن طريق برنامج دوس بوكس. جرّبت الأمر بنفسي ونجحت في تشغيلها، وإن شابتها عدة عيوب. كانت اللعبة بطيئة ولم أتمكن من الدخول إلى قائمة الخيارات أو تحميل اللعبة المخزنة. لم يعمل شيء عدا خاصيتي الحفظ السريع والتحميل السريع، كما أن الملف المحفوظ كان جزءا من ملف اللعبة ولا يمكن الوصول إليه بعد التخزين. خمّن البعض أن الملف استخدم مقدم صور من جيل أقدم، وهو ما جعل برنامج دوس بوكس ضروريا، ولكن اللعبة نفسها لا تبدو مختلفة.

 

سأبدأ الحديث هنا عن تجربتي الشخصية. عندما تبدأ لعبة جديدة باستخدام الملف، وتنتهي من المشهد الأولي وتبدأ بتحريك اللعبة، سيظهر صندوق كلام مكتوب فيه "تم قطع النبوءة". حدث هذا لأن جميع الشخصيات الثانوية المرتبطة بالمهمة الأساسية في اللعبة قد ماتت، والوحيد الباقي هو شخصية ياغروم باغارن، آخر أفراد شعب دويمر. سترى جثثهم هامدة ولن تعود فيها الحياة، وبهذا ستبدأ اللعبة بعالم محكوم عليه بالفناء من البداية.

ستلاحظ أيضا أنك تفقد صحتك تدريجيا، حيث أن نقاط حياتك ستنخفض بقدر بسيط ولكنه ثابت، على أن هذا القدر سيتسارع قليلا إذا بقيت في مكان واحد لفترة طويلة. إن انتظرت حتى تموت، فستعرف السبب: سيأتي شخص يرتدي درعا من فرقة "الأخوة السود" من لعبة تريبيونال، وسميناه في المنتدى "القاتل". أما عن جسده فهو أسود بالكامل ولا يحمل أي رسومات. كانت طريقة حركته غريبة وتثير القلق؛ كانت أطرافه طويلة ويزحف بطريقة تشبه العنكبوت. لا يظهر هذا الشيء إلا بعد موت شخصيتك وقبل ظهور شاشة إعادة التحميل. قد تشاهده أحيانا وهو ينقض عليك من الحائط أو السقف. وهو ما جعل اللعب في الليل صعبا.

الاختلاف الملحوظ الآخر هو وقت الليل. أحيانا تخرج جميع الشخصيات الثانوية من بيوتها لدقائق معدودة وتصيح "راقب السماء"، ثم يعودون لوضعهم الطبيعي.

أشار أحد اللاعبين على المنتدى أنه اكتشف شخصية ثانوية جديدة في معبد غوست غيت، وهو رجل يدعى تييراس من عرق دونمر. هناك شيئان غريبان بشأنه؛ أولهما أن ثوبه كان مطرزا بنجوم متلألئة، وثانيهما أنه الوحيد الذي كانت حواراته ترافقها قراءة صوتية. تم استخدام الصوت المعياري لرجال عرق دانمر في حواراته، وإن زعم بعض اللاعبين أنه يبدو مختلفا قليلا.

لن أدخل في التفاصيل، لكنه يرسلك في مهمة إلى سرداب يدعى "القلعة"، على أن المهمة كانت عادية وطلب مني أن أكتشف أسرار المكان. كان مدخل السرداب واقعا في جزيرة صغيرة في أقصى غرب عالم اللعبة. لم أعرف كيف أصل في البداية، ولكني اكتشفت أنني سأصل إليها بالضبط إذا وقفت عند أقصى نقطة في غرب الأرض واستخدمت تعويذة طيران إيكاروس ثم أقفز نحو الغرب.

هذا المكان ليس قلعة كما يوحي اسمه، بل أنه ينزل للأسفل. كان من الضخامة والصعوبة بحيث أن السراديب الأخرى بدت سهلة جدا أمامه. يبدأ السرداب بكهف طبيعي قبل أن يصل إلى ما يشبه مقبرة قديمة، ثم منطقة آثار دايدريك، ثم منطقة آثار دويمر. ما إن وصلتُ لهذه المنطقة حتى تركت اللعبة، فالوحوش هنا قوية لدرجة أن أي شخصية في المستوى العشرين ستعاني فيه، وقد أخذ مني الوصول إلى هذا المستوى وقتا طويلا. وبما أن خيارات التخزين والتحميل السريعين هما الوحيدان المتوفران، فقد يجد اللاعب نفسه عالقا في مكان لا يمكنه الخروج منه. هذا ما حدث معي، ولم يبق عندي جهد للبدء من جديد.

سأبدأ هنا برواية ما حدث بناء على رواية اللاعبين الآخرين. ما إن تتجاوز آثار دويمر، حتى تجد نفسك في مستوى آخر مشابه ولكن صورته أدكن، حيث أن كل الآثار تظهر باللون الأسود، بما في ذلك تماثيل المخلوقات. صوت الآلات عالٍ هنا والضباب والبخار يملآن المكان، ما يجعل الرؤية صعبة أمامك لنحو ثلاثة أمتار تقريبا. إن اجتزت هذا كله، فستصل غرفة سماها اللاعبون "غرفة الصور"، وهي بالطبع مليئة بالصور.

هناك شيئان مهمان بها. أولهما أن إطارات هذه الصور تكون بمواجهتك بغض النظر عن أي اتجاه تنظر إليه، مثل الألعاب ثلاثية الأبعاد القديمة. والشيء الثاني الغريب هو أنها تحوي صورا عشوائية من ملف الصور على حاسوبك. نشر العديدون لقطات من هذا المكان على المنتدى ليثبتوا الأمر. بالتأكيد، يكفي القول أن أغلبها كانت صورا إباحية.

وجد اللاعبون بابا مقفلا في نهاية الممر، فيأسوا وقرروا العودة إلى تييراس، ولكنهم وجدوه يقول لهم "راقب السماء". الغريب أن جميع الشخصيات الثانوية لا تقول شيئا، ومربعات الحوار لديها فارغة تماما. لكن الاستثناء الوحيد يكون في الليل، حيث يقولون "راقب السماء". لاحظ أحد اللاعبين أن السماء لا تشبه سماء الليل في أرض تامريل، بل سماء الليل الحقيقية، وأنها كانت تتحرك. واصل ذاك اللاعب مسيرته في اللعبة بعد أن توقف اللاعبون في المنتدى عن اللعب، وسأروي لكم ما رآه.

قال أن السماء تبدأ في فبراير 2005 بمقارنة الكوكبات والكواكب، وأنها تعود إلى هذه النقطة إذا داهمك الموت في اللعبة، أو أعدت تحميلها، أو عُدت إلى القلعة. لاحظ أن حركة الزمن بمقارنة النجوم تكون بواقع شهرين في الليلة الواحدة، على أن مدة 24 ساعة توازي عاما كاملا.

أصبح مقتنعا بأن الباب سيُفتح بالتزامن مع حدث سماوي. هذا يعني أن يترك اللعبة تعمل دون أن يطفئها، ولكنه بالطبع لن يتركها دون مراقبة خشية أن يأتيه القاتل. قرر أن يلعب ليوم كامل ليرى ما يحدث، وهذا يعني سنة بزمن اللعبة. هذا ما رواه:

"بدأت اللعبة في منطقة سيدا نين. بقيت أتحرك في كل مكان وأعالج نفسي. بعد أربع وعشرين ساعة، رأيت القاتل الذي تعلم حيلة جديدة. كان يصرخ. كنت أقرأ بمفردي، وفجأة أتت صرخة عالية جعلتني أقفز من الكرسي. نظرت ووجدته رابضا أمامي. ما إن حرّكت شخصيتي حتى هرب. عُدت إلى غرفة الصور ووجدت أن الباب ما زال مقفلا".

قرر لاحقا أن ينتظر ثلاثة أيام، أو ثلاث سنوات بتوقيت اللعبة، حيث أن الرسالة (التي نصحتنا باستخدام برنامج دوس بوكس) أتت أول مرة للمنتدى في فبراير 2008. هكذا كان استنتاجه.

"اكتشفت أن القاتل يصرخ قبل أن يهاجمك ببضع ثواني، ولا يهاجمك إلا إذا بقيت ساكنا. هذا ساعدني عندما أحس بالنعاس فأحرّك الفأرة. هذه الميزة أفادتني". كانت هذه آخر رسالة له خلال يومين إلى أن أتاني الرد التالي:

"انتهيت! انتهيت من الأمر! انتظرت لثلاثة أيام وصرخ القاتل وحرّكت الفأرة ثم نظرت ووجدت أن الناس في البلدة قد خرجوا. كلهم يقولون "راقب السماء". لم أرى شيئا، ولكني لاحظت أن الإضاءة في اللعبة أصبحت أدكن. رفعت إضاءة الشاشة إلى آخرها وبالكاد كنت أرى. كنت أرى الناس وأشياء أخرى تجري من بعيد، ولكنها تهرب عندما أقترب منها. لم أرد أن أنهض وأشعل المصباح حتى لا يفوتني شيء. لم يحدث شيء وقررت العودة إلى القلعة سباحةً، وكنت بالكاد أرى أناسا يسبحون قربي. وصلت إلى القلعة وعبرت غرفة الصور قبل أن أجد الباب مقفلا.  خرجت من القلعة لأجد أن زمن اللعبة عاد إلى البداية. اكتفيت من اللعبة وسأذهب للنوم. النهاية".

بعد هذا حدث شيئان. أولهما أن أحد اللاعبين الذين دخلوا إلى غرفة الصور زعموا أن القاتل ظهر أيضا في لعبة مورويند الأساسية لديهم. اعتبر الأمر مجرد تخيلات، لكنه رأى خلال لعبه أشكالا سوداء تزحف نحوه، أو يراها تختبئ في الزوايا قبل أن تسرع هاربة. قال لاعب آخر ممن دخلوا غرفة الصور أنه ربما رآه ولكنه غير متأكد؛ فقط أشكال غير واضحة من بعيد وفي آخر الليل.

ثاني شيء هو أن اللاعب الذي تراسلت معه أصبح عصبيا جدا. كان يشتم الجميع ويضايقهم فتمّ منعه في النهاية. لم أسمع عنه أي شيء لنحو أسبوعين فقررت مراسلته. هذا جزء من رده:

"لديّ الآن وقت فراغ بعد نهاية الفصل الدراسي، فبدأت اللعب بالملف مجددا. وصلت بزمن اللعبة إلى العام 2011، وأكاد أصاب بالجنون من قلة النوم. ما زالت الإضاءة خافتة. متى تُظلم الدنيا فلا يعود النور أبدا. جميع الناس في سيدا نين رحلوا عن قريتهم وذهبوا إلى كهف اللصوص القريب وقتلوا كل من فيه. بقي أهل القرية واقفين هناك لا يفعلون شيئا. حاولت أن أكلمهم دون فائدة، حتى أنني هاجمت أحدهم ولم يدافع عن نفسه حتى أصبح جثة هامدة.

هذا هو الحال في كل مكان. جميع الناس اختبأوا في كهوف أو مقابر تحت الأرض أو المجاري. هذا يشمل حتى شخصيات النقل السريع، واضطرّني هذا للمشي مسافات طويلة. ذهبت إلى معبد غوست غيت علّني أرى تييراس. سأخبرك ما سيحدث عندما أصل هناك".

رددت برسالة أخرى لأخبره أنني أنتظر ردّه. مرّ يوم ونصف يوم فبادرته التراسل. جاءني ردّه:

"آسف لأنني تأخرت بالرد. وصلت للعام 2014 الآن. الوقت الآن دائما ليل والنجوم تتحرك بشكل مستمر. إضاءة الشاشة خافتة ولكن بإمكاني رؤية حركة النجوم الساطعة. اختفى كل أهل غوست غيت، بمن فيهم تييراس. لا أعرف أين ذهبوا، ولم أجدهم في أي من الكهوف القريبة. لاحظت شيئا غريبا: عيونهم تنزف دما. كان الظلام شديدا حتى أن تعويذة النور لم تساعدني بالرؤية إلا عندما أكون أمامهم. لكني أرى شيئا أسود ينزل من عيونهم. أكاد أقترب من الأمر. لا أظن أن الأمر يستحق، ولكني سأكتشف ما هو".

ثم أتتني رسالة أخرى في تلك الليلة:

"بعض الكواكب لا تتحرك بمسارها السليم. هذا مزعج، فإن استمر الحال هكذا فلن يكون بمقدوري متابعة الوقت. أكاد أصل إلى العام 2015 الآن. لاحظت شيئا آخر: لقد اختفت الوحوش أيضا. أنا وحيد هنا. جثث شخصيات المهمة الرئيسية ملقاة على الأرض. قمت بتفقدها.

لم أعد بحاجة لسماعات الأذن. عندما يصرخ القاتل أحسّ بصوته يخترق أذني. كما برعت الآن بتوقع وجوده، وأصبح هو يحوم بقربي كثيرا. صحيح أن الظلام يصعّب عليّ رؤيته، إلا أنه يبدو مختلفا عن الآخرين. أعترف أن هذا مخيف، وبالأخص في الليل. أقسم أنني أرى أشياء بطرف عيني عندما أذهب للحمام. سأبقي كل المصابيح مضاءة في الوقت الحالي".

رددت عليه برسالة نصحته فيها أن يرتاح ويأخذ قسطا من النوم. مرّ صباحان قبل أن تصلني رسالته التالية، وكانت هذه آخر مرة أسمع منه:

"صحوت من كابوس فظيع. صرخ القاتل عليّ، وعندما فتحت عينيّ وجدته رابضا فوقي. كانت أطرافه أطول من قبل وتشابه أرجل العنكبوت. حاولت أن أدفعه بعيدا، ولكن يدي انغرست بجسده ولم أتمكن من إخراجها، وكأن جسده صُنع من القطران.

ثم صحوت. نظرت إلى الشاشة ولم أره، ولكني لم أكن في المكان الذي غفوت عليه. كنت في ملجأ كوربروساريوم مع ياغروم. كانت الإضاءة معقولة هذه المرة، وكنت أراه منتفخا على أرجل العنكبوت الميكانيكية. بدأ بالحديث إليّ بالصوت وليس بصندوق الحديث، وكان مثل صوت تييراس. كان يعرف أشياء شخصية عني، وبعضها لم أخبرها لأحد، وبعضها الآخر قد نسيته. أخبرني أن أحدا لم يصل إلى هذه النقطة، وأن الباب سيُفتح قريبا وعليّ أن أصبر. قال أنني سأعرف متى يحين الأمر، ربما أكون أول من سيرى ما بالداخل".

ثم صحوت واكتشفت أن هذا كله مجرد حلم. لكني لم أكن في المكان الذي غفوت فيه، بل كنت أسبح نحو جزيرة القلعة. سمعت صوتا يشبه الدق على نافذتي. ربما ما زلت أحلم".

أعتقد أن هذه نهاية القصة. هناك العديد من القصص حول هذا الملف، ولكن هذه الوحيدة الحقيقية بنظري. حذفت الملف من جهازي حالما يئست منه، ولكني أرغب بتجربته مجددا. إن كان لدى أحدكم نسخة منه، أريد أن أرى ما فيه بنفسي.

 

القصة: jvk1166z.esp

الكاتب الأصلي مجهول

ترجمة Mr. Beshebbu

هناك تعليق واحد: