الجمعة، 25 سبتمبر 2020

الملاحظات


بدأ الأمر عندما وجدت تلك الورقة الصغيرة.

 وجدت ورقة مربعة في صندوق أخرجته من القبو، ومكتوب عليها، "أرجوك أن تردّ". لا أعرف كم مضى على وجود الورقة، إذ أن هذه الصناديق كانت تقبع في القبو منذ أن انتقلت إلى المنزل. تجاهلت الأمر حتى صباح اليوم التالي عندما فتحت آلة صنع القهوة لأنظفها. وجدت بداخلها قطعة من الورق مكتوب عليها "أرجوك أن ترد أطلب المساعدة". فكرّت أن شخصا يلعب معي مقلبا غبيا، إذ لم تكن موجودة عندما وضعت قهوتي.

 وجدت ملاحظات أخرى تحت لبادة فأرة الكمبيوتر، وكذلك داخل صندوق الكمبيوتر عندما قمت بوضع ذاكرة رام جديدة، وبين طبقات لفائف ورق الحمام، وتحت علبة الأقراص المضغوطة. أماكن لن ينظر إليها أحد على الإطلاق أو يفكر بوضع أي شيء فيها. لا أعرف ما الهدف من هذا التصرف الأحمق، فمن سيخطر بباله أن يفتح المكان ويراها؟

 ولكنها استمرت بالظهور، وكتب عليها جميعًا نفس الشيء وهي تتوسل إليّ لأرد وأقدم المساعدة. وفي أحد الأيام مللت من الأمر. وجدت واحدة داخل كوب في غسالة الأطباق، وكانت جافة رغم أنني شغلت الغسالة. كتبت على ظهرها "مرحبًا. أنا أرد عليك. أرجو أن توضح لي حالتك". وحشرتها تحت صدع في حوض الاستحمام.

 بمجرد أن غادرت الحمام وجدت ورقة أخرى تطفو على كأس المشروب الغازي وأنا في غرفة المعيشة. أخرجتها بعناية من الكأس. كان نصها "شكرًا. أنا عالق" وبأحرف كبيرة.

 لوّحتها لتجف قليلاً، وكتبت على ظهرها، "أين أنت عالق؟ كيف ترسل لي الملاحظات؟" ولست مبدعًا لأفكر في مكان مبتكر لأضعها فيه، فرميتها خلف الأريكة. انتظرت ولكنني لم أر أي ملاحظات أخرى لبقية اليوم.

 راجعت بريدي في اليوم التالي. وجدت الملاحظة التالية داخل إحدى رسائل الدعايات: "في البعد الثاني. تحتك". لم أضيع وقتًا ورددت بعبارة "أيا كنت، فهذه المزحة متخلفة. توقف عن الأمر" وألقيتها في الخارج وأخذتها الريح بعيدا.

 وجدت ورقة أخرى وبنفس الأحرف الكبيرة، إلا أنها كانت أطول من سابقاتها وبدا أنه تم حشر الجملة الأخيرة في المساحة المتبقية منها. اعتقدت أنه كان مقطعا من موسوعة أو كتاب مدرسي. "البعد الأول هو نقطة محددة في الفضاء. البعد الثاني (تم وضع خط تحته) هو أي شيء موجود بحدود الارتفاع والعرض، أما الثالث فيضيف الطول. والرابع يشمل الوقت، والخامس هو الماضي: الوقت الذي سبق حدوثه وترسخ في الفراغ الزمني". ما بعد هذا تم حشرته في مساحة الورقة. رددت عليه بورقة أخرى، "كيف يمكنك قراءة هذا إذا كنت في البعد الثاني؟ كيف يمكنك أن تكون موجودًا؟؟" دسست هذه الملاحظة في الفراغ الموجود في محمصة الخبز.

 جاء الرد عندما أزلته من شعري في صباح اليوم التالي قبل الاستحمام. "الكتابة ثنائية البعد. الرؤية ثنائية البعد – صورتان ثنائيتان مركبتان".

 لم يفدني ذلك حقًا بإيجاد الطريقة التي يجب أن أنقذ بها هذا الشخص، وهو ما حددته في ملاحظتي التالية التي رميتها في المرحاض.

 "اجعلني ثلاثي الأبعاد"، هذا ما كُتب على الورقة الذي وجدتها داخل لوح الشوكولاتة. كيف يقوم هذا الأحمق بوضع هذه الملاحظات داخل منتجات مغلفة؟ لكن في هذه المرحلة قررت أن أجاريه في لعبته. ربما يكون هذا جزء من برنامج تلفزيوني.

 "كيف؟" هذا كل ما كتبته. أتذكر بالضبط أين وضعت الورقة، لأنه كان آخر شيء كتبته من فترة طويلة. وضعتها في شق بين مرآتي الطويلة وظهرها الخشبي. اختفت بمجرد أن وضعتها ولم أر أي ورقة أخرى لعام ونصف.

 ذات صباح، ارتديت ملابسي متجها للعمل، وذهبت إلى غرفتي وعدّلت ربطة عنق وقميصي أمام المرآة. كانت نفس المرآة، ولكنني غيرت مكانها نحو الجانب الآخر من غرفتي. نظرت فيها ولاحظت وجود مربع على الحائط ورائي، لكنني لم أرى شيئا عندما استدرت نحوه. لمست المرآة وأنا أعتقد أن الأمر لا يتعدى خدعة بصرية، ولكنني لم أفهم شيئا.

 رفعت مرآتي الثقيلة من على الأرض وسرت ببطء إلى الوراء لأقترب من المربع على الجدار المقابل. كلما اقتربت أصبحت الرسالة أوضح. توقفت وأنا ثابت بين المرآة الثقيلة والحائط، ونظرت إلى المربع الذي كان واضحا على المرآة على مستوى كتفي، ولكنه بقي خفيا على الحائط ورائي.

 قالت الرسالة "أجعلك ببعدين".

 انقتلت من ذلك المنزل بأسرع ما أمكنني. تخلصت من تلك المرآة والمحمصة وكل شيء. لا يزال قلبي يخفق كلما رأيت ورقة مرمية على الأرض. ما زلت أعيش في خوف من أن أفتح كتابًا أو أنظر داخل السترة وأرى قطعة من الورق.

 أنا أتحقق من كل أشيائي الآن. وباستمرار. كما أني لم أعد أشرب القهوة.

 

القصة: Notes

الكاتب الأصلي مجهول

ترجمة Mr. Beshebbu

هناك تعليقان (2):

  1. الردود
    1. لكي يخرج الشخص في المرآة من عالم البعدين عليه أن يضع شخصا آخر مكانه.

      حذف