الثلاثاء، 17 يونيو 2025

أغرب شريط مراقبة رأيته في حياتي

 


أنا أعمل في محطة وقود في ريف بنسلفانيا. إنه عمل ممل، ولكنه سهل والراتب جيد. بدأ شاب جديد بالعمل معنا منذ بضعة أسابيع. سأدعوه جيريمي.

كان جيريمي شابا غريبا. كان في الخامسة أو السادسة والعشرين من عمره. لم يتحدث كثيرا، ولكنه كان يصدر ضحكة مخيفة لم أسمع مثلها. لاحظ مديري الأمر أيضا، ولكنه لم يهتم طالما أنه يؤدي عمله ولا يشتكي منه الزبائن. لكن هذا تغير بعد أسابيع قليلة عندما بدأنا نفقد الأشياء. لاحظ المدير أن زيت المحركات بدأ ينقص منذ حوالي أسبوعين، حيث بدأ الأمر ببضع علب، ثم تطور إلى جميع الرفوف والصناديق في المخزن. لم يطل الأمر حتى بدأت الشحنات تختفي بأكملها خلال أربع وعشرين ساعة من وصولها. ويحدث هذا دائما بعد نوبات جيريمي. تفحّص المدير أشرطة كاميرات المراقبة في الأيام التي يعمل بها، ولكنه لم يتمكن من ضبطه. جيريمي يقفل المخزن عند وقت الإغلاق، ويختفي الزيت في اليوم التالي.

كان المدير يأخذ الأشرطة لبيته ويشاهدها هناك، ولكن طلب مني أن أفعل هذا في أحد الأيام لأن ابنته لديها مباراة بيسبول. كانت هناك ثلاثة كاميرات، وبهذا أعطاني ثلاثة أشرطة. أخذتها للبيت ووضعتها في جهاز الفيديو القديم، وجهزت نفسي لليلة طويلة.

قبل يومين (آخر يوم عمل فيه) بدأ جيريمي العمل في الرابعة مساء. كل شيء يبدو طبيعيا. دخل وتبادل الموقع مع الفتاة التي تعمل قبله، وثم وقف منتظرا الزبائن. أولهم كانت السيدة تمبلتون في الساعة 4:03، وهي زبونة دائمة. اشترت علبة سجائر وجريدة وأعطت جيريمي عشرين دولارا. ثم أتى رون، وهو زبون يأتي على دراجته كل بضعة أيام، حيث ملأ خزانه واشترى لحم بقر مقدد ودفع ببطاقة الائتمان ثم رحل. ثم أتى رجل يرتدي قبعة رعاة بقر. لم أره من قبل، ولكن يأتينا العديد من الأغراب مثل أي محطة بنزين. أخذ ما قيمته أربعين دولارا من وقود الديزل، ودفع بورقة مائة دولار ثم رحل.

تنهدت وأنا أشعر بشيء من الضيق. لم يكفي أن أصاب بالملل وأنا أؤدي عملي، بل عليّ الآن أن أشاهد شخصا آخر يشعر بالملل في عمله. لكن المدير عرض عليّ المال مقابل المشاهدة فكان هذا كافيا ليجعلني أواصل. ظل كل شيء على طبيعته. بدأت أشك أن جيريمي هو الفاعل، وإلا كان سيشك أننا نعلم بأمره، ولن يدعنا نضبطه على الكاميرا. ثم بدأت الأمور تتغير حوالي الساعة الخامسة.

في الساعة 5:03 بالضبط عادت السيدة تمبلتون. لا بد أنها نسيت شيئا. ولكنها عادت لتشتري نفس علبة السجائر والجريدة ودفعت عشرين دولارا أيضا. استغربت الأمر، ولكنني أعلم أنها شاردة الذهن أحيانا. ثم عاد رون مجددا واشترى وقودا لدراجته، والتي تأكدت من وجودها لاحقا من كاميرا الباب الخارجي، ثم اشترى نفس اللحم المقدد ودفع بنفس البطاقة.

لم أرى الأمر بهذه الأهمية، بل مجرد صدفة غريبة. السيدة تمبلتون تنسى دائما، وربما يملك رون أكثر من دراجة. ثم أحسست بقشعريرة عندما عاد راعي البقر. بقيت على أمل ألا يشتري وقود الديزل، ولكنه فعل. اشترى بأربعين دولار ودفع بورقة مائة. كل حركاته مطابقة لما فعل سابقا، حتى أنه حك لرأسه عندما خرج. إما أن رجلا ثريا يملك عدة شاحنات قد أتى إلى بلدتنا، أو أن أمرا غريبا يحدث أمامي. واصلت المشاهدة.

جميع الزبائن عادوا مجددا في خلال الساعة التي مضت. ثم رأيت السيدة تمبلتون تعود في الساعة 6:03 وتشتري نفس السجائر والجريدة بورقة العشرين دولار. أكاد أفقد عقلي. واصلت المشاهدة لنصف ساعة قبل أن أسرع الشريط على الشاشة. جميع الزبائن يعودون مجددا بعد ساعة بالضبط، وبالدقيقة.

الأحد، 1 يونيو 2025

تولبا

 

في السنة الماضية، قضيت ستّة أشهر وأنا أشارك في تجربة نفسية، أو هذا ما قالوه لي. وجدت إعلانًا في الصحيفة يبحث عن أناس واسعي الخيال مقابل مبلغ جيد، وبما أنه كان الإعلان الوحيد الذي كنت مؤهلا له في ذلك الأسبوع، اتّصلت بهم واتفقنا على إجراء مقابلة.

أخبروني بأنّ كل ما سأفعله هو البقاء في غرفة لوحدي، بينما يتم ربط مجسات برأسي لقراءة نشاط دماغي، وكل ما أفعله هو أن أتخيّل وجود شخصية مزدوجة مني. وكانوا يدعونه "تولبا".

بدا الأمر سهلا، ووافقت على القيام به حالما أخبروني بأجري. بدأت في اليوم التالي. أحضروني إلى غرفة بسيطة وأعطوني سريرا، ثمّ ربط مجسّات برأسي وأوصلوها بصندوق أسود صغير على الطاولة بجانبي. تناقشوا معي خلال هذه العملية حول تخيّل شخصي الثاني، وأخبروني أنه إذا شعرت بالضجر أو الضيق، فعليّ أن أتخيل شخصي الآخر وهو يتحرّك في المكان بدلا من أن أتحرّك أنا، وأن أحاول التفاعل معه. كانت الفكرة هي أن أبقيه معي طوال وجودي في الغرفة.

واجهت مشكلة مع الأمر في الأيام القليلة الأولى. كنت أسيطر على أحلام اليقظة بشكل لم أفعله أو أعهده من قبل. كنت أتخيّل شخصي الآخر لبضع دقائق ثمّ يتشتّت انتباهي. ولكني تمكنت من إبقائه موجودًا (إن صحّت الكلمة) في الغرفة لكامل الساعات الست في اليوم الرابع من التجربة. أخبروني أنني أتجاوب مع التجربة بشكل جيّد جدا.

حلّ الأسبوع الثاني ووضعوني في غرفة مختلفة، وكان بها مكبرات صوت مركّبة على الحائط. قالوا أنهم أرادوا أن يروا إذا كان باستطاعتي أن أبقي "التولبا" معي وأنا أتعرض لمؤثرات خارجية على التركيز. كانت الموسيقى صاخبة وقبيحة ومزعجة، وجعلت العملية صعبة بعض الشيء، لكنّي تعوّدت عليها. وفي الأسبوع شغلوا موسيقى أكثر إزعاجا، وكانت تتخللها أصوات صياح غريبة، وبدت مثل جهاز مودم قديم وهو يتّصل بالإنترنت، وأصوات غريبة وكأن أحدا يتكلّم بلغة أجنبية. أصبحت وقتها محترفا وتجاهلت من تلك الأصوات.

بدأت أشعر بالملل بعد حوالي شهر. وبدأت أتواصل مع هذا القرين وأتفاعل معه. كنت أتحادث معه أو أتخيّله وهو يرمي الكرات أو يرقص، أو أي شيء يخطر على بالي. سألت الباحثين عما إذا كانت حماقتي ستؤثّر سلبا على دراستهم، لكنّهم شجّعوني.

كان الأمر ممتعا لفترة. وبعد ذلك بدأت أمور غريبة تحدث. أخبرته مرّة عن أول موعد غرامي لي. أخبرته أن الفتاة كانت تلبس قميصا أصفر، وصححني قائلا بأن القميص كان أخضرًا. فكّرت بالأمر لثانية وأدركت أنّه كان محقًّا. أخافني هذا، وتكلّمت مع الباحثين عن الأمر بعد نهاية اليوم. قالوا: "أنت تستعمل الشكل الفكري لتدخل إلى اللاوعي. كنت تعرف في أعماق عقلك أنك مخطئ، وأنت صحّحت نفسك لا شعوريا".

كان هذا رائعا. كنت أتكلّم مع عقلي الباطن! عرفت أنه بإمكاني أن أسأل التولبا عن كل الذكريات، وإن تطلّب هذا شيئا من التدريب. بإمكاني أن أجعله يروي صفحات كاملة من كتب قرأتها مرّة واحدة منذ سنوات، أو أشياء تعلّمتها في الثانوية ونسيتها فورا. كان الأمر مذهلا.