السبت، 15 مارس 2025

ولادة الغزال

 


في عام 2009، قام أحد فناني الفيديو الهواة الذين يدرسون في المملكة المتحدة بتحميل مقطع على موقع يوتيوب لقطعة حديثة من إنتاجه. تم حذف الفيديو بعد العديد من البلاغات والشكاوى. يُزعم أن القطعة تبدأ بلقطة طويلة لمرج ضبابي يُعتقد أنه في أيرلندا. الصوت الوحيد خلال هذه اللقطة هو هسهسة خفيفة وما يبدو وكأنه كلام مكتوم وغير مفهوم. تبدأ الكاميرا في التقريب على شكل أبيض في الحقل. بعد عدة دقائق مملة، نكتشف أن الشكل هو عبارة عن غزال أمهق. تظهر فجأة لقطة قريبة لعينيه، تظهر عليها علامات الإصابة بعدوى وربما المراحل الأولى من العمى.

اللقطة التالية عبارة عن مشهد للغزال وهو يحدق في مرآة زينة لمدة دقيقة تقريبًا. بعد ذلك، يأخذ المقطع منعطفًا غريبًا حيث يتحرك الغزال في الانعكاس بشكل متنافر مع "الحقيقي". عند تكبير الصورة، تركز الكاميرا على الغزال في الانعكاس، والذي بدأ يتحرك ويتلوى بطريقة غريبة وكأن أحدا أو شيئا يلعب بشكله مثل قطعة من الطين. ومع استمرار هذه الالتواءات المزعجة، تبتعد الكاميرا لتظهر للغزال "الحقيقي" وهو ملقى على الأرض. وصف الناس الغزال بأنه "ينظر في سلام غريب".

الثلاثاء، 4 مارس 2025

أريزونا

 


اصطحبت صديقتي كاتي إلى أريزونا في عيد ميلادها حتى نزور بعض أصدقائها ونقضي بضعة أسابيع في الحفلات قبل العودة إلى الجامعة لهذا العام.

سافرنا في سيارة والدي. إنها سيارة فورد قديمة ومتهالكة. كان الطريق وعرًا وطويلًا. بدت علاقتنا في أقوى حالاتها على الطريق. كانت تلك هي المرة الأولى التي أدركت فيها أنني أحبها حقا.

كنا في منتصف الطريق عندما أدركنا أن الوقود سينفد قبل وصولنا لأقرب محطة بنزين. مدت كاتي رأسها خارج النافذة وهي تراقب المكان تحت الحر الشديد. لا شيء سوى منظر الصحراء البرية التي تحيط بنا من جميع الاتجاهات. أصبحنا الذعر قليلا، فلم نشاهد سيارة أخرى على الطريق منذ ما يقرب من ساعة. ماذا لو وقفنا هنا في وسط الصحراء بلا طعام أو ماء ولا أحد سيعثر علينا؟ أسرعت قليلاً مدفوعا بهذه المخاوف.

صادفنا محطة وقود. مجرد نقطة في مكان جاف وفارغ. كانت محطة قديمة ومتهالكة. كانت هناك مضختان صدئتان في الخارج. لم نعرف في البداية إذا كانت تعمل، أو إن كانت مأهولة أصلا. لكن عندما توقفنا ورأينا بقع البنزين في التراب اقتنعنا بأنها تعمل. شرعت كاتي بملء السيارة ودخلت أنا مبنى المحطة لأدفع وأشترى شيئًا نأكله في الطريق.

علق الباب عندما أردت فتحه. نظرت إلى اللافتة وعرفت منها أن المكان مفتوح، وإن كانت هي الأخرى ممزقة وهي معلقة بين الستائر الباهتة عند نافذة الباب. ضغطت أكثر فأكثر وتمكنت من فتحه ودخلت.

كان الداخل مهجورا وخربا بالكامل. رفوف كاملة مرمية على الأرض، والثلاجات مهشمة وشظايا الزجاج ملأت الأرض. كان المكان معتمًا وباردًا رغم نور الشمس الساطع في الخارج. ثم سمعت من ورائي صوت بكاء هادئ مثل بكاء طفل. شعرت بدقات قلبي تتسارع. أتى من الغرفة الخلفية.

مشيت فوق الزجاج المهشم وبقايا المعدن على الأرض، حيث نمت رقع عشبية. مررت يدي على الحائط وشعرت بفروع اللبلاب تحت أصابعي. لقد طغت على المكان.

سمعت البكاء من جديد وأنا في مواجهة باب الغرفة الخلفية. كان أمامي مباشرة. فتحت الباب الذي صرّت مفاصله من الصدأ. رأيت بالداخل عدة درجات خشبية تقود إلى القبو. كان الظلام بداخله شديدا ورائحته مروعة. سمعت قطرات الماء فأدركت أن القبو مغمور بالمياه، وبالفعل وصل الماء إلى ركبتي. مرة أخرى، عاد البكاء ورافقه صوت رذاذ في الزاوية البعيدة من القبو.

صرخت "مرحبًا؟ هل من أحد هناك؟"

اقتربت من الزاوية. كانت الرائحة فظيعة، وبدأت أتأثر ببرودة الماء. علا النحيب، وأقسمت أنني رأيت شيئًا يتحرك بين الظلال في الزاوية.