حدث معي هذا قبل بضعة أشهر، وأريد فقط أن أشارك القصة مع أحد ما.
بدأ الأمر في حفلة عند أحد الأصدقاء. كان فنانًا وأجّر عليّة في الجانب الصناعي من المدينة. كانت المنطقة عبارة مجموعة من المصانع القديمة التي تعود لبداية القرن العشرين، ومحشورة في نطاق عشر مربعات سكنية. وأغلبها كان مهجورا.
بقينا نحتفل طوال الليل، وقررت أن أرتمي على أريكة في العليّة. استيقظت في الرابعة صباحا والشمس لم تشرق بعد، ولكن أمكنني تمييز الأشكال بفضل نور الفجر الخافت. ذهبت للحمام وأنا أمشي بحذر على أطراف أصابعي حول المحتفلين الذين سقطوا مغشيا عليهم. وقفت بجانب المرحاض ونظرت من نافذة الحمام ورأيت منظر المدينة المتهالكة والمهجورة.
تذكرت كم كنت أحب هذا المكان. كان مظلمًا وخاليًا من الحياة، وكان هادئا للغاية.
عدت إلى الكنبة وقررت العودة للنوم. ولكني بقيت 45 دقيقة وأنا أحدق بالسقف، فرأيت أنني لم أعد بحاجة للنوم، وقررت أن أوقظ صديقتي لتوصلني بسيارتها، إذ أن السير على الأقدام وسط الشوارع الخالية في هذه الساعة لم يكن خيارًا سليمًا. وافقت صديقتي على الأمر، وقالت أنها ستأتي في غضون نصف ساعة وأنها ستتصل بي حالما تقف خارج المبنى. لكن بطارية هاتفي فرغت بعد عشر دقائق، فقررت أن أجلس قرب النافذة وأنتظر قدوم سيارتها. جلست هناك لبرهة قبل أن أحس بثقل في جفوني واستسلمت للنوم.