مرّت أسابيع قليلة منذ أن بدأت رزم القشّ الاسطوانية بالزحف بعيدا عن
البيت. أستيقظ كل صباح لأجد أن كل منها تحرّك عشرات الأمتار من مكانها السابق.
افترضت أنّه مجرد شخص يشعر بالملل وقرر أن يدبّر لي مقلبًا، لذلك تجاهلته.
مع ذلك فقد بدأت تلك الرزم بالاقتراب من حدود المزرعة خلال بضعة أيام. مللت
من هذه اللعبة وقررت إعادة الرزم إلى مكانها. تطلّب الأمر مني ساعة لأعيدها
لمكانها الأصلي قرب البيت، وكنت على استعداد لأدقّ عنق الوغد الذي لعب هذا المقلب
معي.
في الصباح التالي، وجدت أن خيولي جميعها قُطعت رؤوسها بطريقة بشعة. كانت
الرائحة هي ما أيقظني. كل منها واقع داخل حظيرته. لم أجد الرؤوس في أي مكان. قضيت بقيّة اليوم
وأنا أنظّف الفوضى وأدفن الجثث. وعندما انتهيت، وجدت أن رزم القشّ كلّها عادت إلى
مواقعها السابقة من يوم أمس مبعثرة في أطراف الحقل. وهذه المرة تركتها مكانها.
في تلك الليلة، جلست على السقيفة وبندقيّتي في يدي وقدر القهوة على الطاولة
بجانبي. جلست لساعات وأنا أمدّ بصري إلى الحقول علّني ألمح ما كان يحرّك رزم
القشّ. كنت على وشك النوم، ولكني سمعت ضجيجا وخشخشة عند الأشجار في الغابة
القريبة. قررت أن أمسك بهذا الوغد. تحسّست بندقيتي وتململت في مقعدي وأنا أنتظر في
قلق حتى يقع ذاك الشخص في كميني. ثم اقترب بما يكفي لأرى خياله في الظلام، وعندها
تجمّدت من الخوف. كان الشيء يتسلّل من الغابة القريبة إلى حقلي ولم يبد أنه لاحظ
وجودي وأنا جالس هنا.